سواءً كان الأمر يتعلق بإرسال رسالة نصية سريعة أو إلقاء نظرة على رسائل بريدك الإلكتروني، فإن من يميلون إلى النظر إلى هواتفهم أثناء القيادة يقعون أخيرًا في الفخ.
نجحت تجارب بريطانية على “شرطي مرور” يعمل بالذكاء الاصطناعي في رصد آلاف السائقين الذين يستخدمون هواتفهم أثناء القيادة.
وتُظهر صورٌ مروعة رجلاً يقود شاحنة وزنها 20 طنًا على الطريق السريع بيد واحدة فقط، بينما يُلقي بهاتفه باليد الأخرى.
ويمكن رؤية خمسة هواتف أخرى موصولة وموزعة على لوحة القيادة، وشاشاتها متجهة لأعلى.
وفي صورة منفصلة، تُظهر رجلاً يكتب على هاتفه بكلتا يديه بينما ينحني راكبه ويقود السيارة.
حتى أن أحد السائقين ضُبط وهو يستخدم حاسوبه المحمول وهاتفه في الوقت نفسه.
والتُقطت الصور بواسطة أجهزة من صنع شركة Acusensus، وهي شركة أسترالية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمسح داخل المركبات أثناء مرورها.
ويجري اختبار هذه التقنية في 19 منطقة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك ديفون، وكورنوال، ومانشستر الكبرى، وستافوردشاير، وساسكس.
في مانشستر وحدها، رصدت التجربة أكثر من 3000 مخالفة – بما في ذلك عدم ارتداء حزام الأمان – في غضون خمسة أسابيع فقط. في غضون ذلك، وصف آدم بايب، رئيس شرطة الطرق في إسيكس، هذه التقنية بأنها “استثنائية”.
كما تُظهر الأرقام الجديدة من ديفون وكورنوال أن الأنظمة تُحدث تأثيرًا كبيرًا على سلوك مستخدمي الطريق.
وانخفض متوسط عدد الأشخاص الذين يُضبطون وهم يُرسلون رسائل نصية أثناء القيادة يوميًا بنسبة 80% منذ عام 2023، بينما انخفض متوسط مخالفات حزام الأمان اليومية بنسبة 83%.
وقال أدريان ليسك، رئيس قسم السلامة على الطرق في شرطة ديفون وكورنوال: “استخدمنا الكاميرات في نفس الموقع على الطريق A38 في لاندريك خلال أعوام 2023 و2024 و2025.
وتُظهر البيانات السنوية انخفاضًا ملحوظًا ومُستمرًا في مخالفات حزام الأمان والهاتف المحمول، وهو أمر مُشجع حقًا”.
وأوضح أن الغالبية العظمى من سائقي السيارات يلتزمون بالقواعد، حيث لم يُكتشف ارتكاب مخالفات إلا في أقل من واحد بالمائة من المركبات التي رُصدت باستخدام كاميرات أكوسينسوس.
وأضاف: “مع ذلك، فإن المخاطر المرتبطة بهذه المخالفات موثقة جيدًا”.
وتابع: “حوالي ثلث حوادث الاصطدام المميتة على الصعيد الوطني تتضمن شخصًا لم يكن يرتدي حزام الأمان، وعدم ارتداء حزام الأمان يعني أن احتمال الوفاة في حالة وقوع تصادم خطير يتضاعف”.
ويزيد استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة بشكل كبير من احتمالية التورط في حادث تصادم، حيث يؤثر تشتيت الانتباه سلبًا على قدرة السائق على الحكم على الأشياء وسرعة رد فعله.
على مدار السنوات الثلاث الماضية، شهدت مقاطعة ديفون وكورنوال انخفاضًا مشجعًا في عدد الوفيات والإصابات الخطيرة (KSI) على طرقها.
في عام 2022، بلغ عدد الوفيات والإصابات الخطيرة 790، ثم انخفض إلى 754 في عام 2023، ثم إلى 678 في عام 2024.
وصرح جيف كولينز، مدير شركة أكوسينسوس في المملكة المتحدة، بأن الاهتمام بالتجربة قد ازداد، ومن المتوقع مشاركة المزيد من القوات.
وقال لصحيفة التايمز: “لا يحب الناس أن ينظر الآخرون إلى هواتفهم أثناء القيادة بسرعة 70 ميلًا في الساعة”.
وتعمل هذه التقنية من خلال تسجيل صور واضحة تلقائيًا للمركبات المارة من خلال عدد من الكاميرات، وفلاش الأشعة تحت الحمراء، ونظام عدسة وتصفية.
ويقوم برنامج ذكاء اصطناعي بمراجعة الصور والبيانات، كاشفًا عن مخالفات محتملة، مثل استخدام الهاتف أثناء القيادة.
وتُرسل الصور المقصوصة للمخالفات المحتملة إلى مراجعة بشرية، وفي حال ثبوت وجود مخالفة قانونية، تُمرر الصورة إلى الشرطة التي تقرر ما إذا كانت ستتخذ إجراءً بغرامة ثابتة أو إلزام السائق بحضور دورة تدريبية في قواعد المرور.
وقد تصل تكلفة دورة التوعية بالقيادة في ديفون وكورنوال إلى 100 جنيه إسترليني.
في الوقت نفسه، قد تصل غرامة استخدام الهاتف المحمول إلى 200 جنيه إسترليني بالإضافة إلى ست نقاط جزاء، وغرامة عدم ارتداء حزام الأمان إلى 500 جنيه إسترليني.
صُمم تطبيق Acusensus وطُوّر على يد رجلي الأعمال ألكسندر جانينك ورافين ميرشانداني، اللذين خطرت لهما الفكرة بعد وفاة صديق مقرب أثناء ركوبه دراجة في لوس أنجلوس.
صرح السيد جانينك لصحيفة سيدني مورنينغ هيرالد عام 2019: “كان السبب هو قيادة السائق تحت تأثير الكحول واستخدامه المزعوم للهاتف المحمول”.
تُمثّل هذه الأرقام انتصارًا جديدًا لحملة “إنهاء جنون الهواتف المحمولة” التي أطلقتها صحيفة ديلي ميل، والتي قادت دعواتٍ لتحسين الكشف عن الحوادث وتشديد العقوبات.
سُنّت قوانين جديدة عام 2017بعد أن سلّطت حملتنا الضوء على موجة من الوفيات الناجمة عن مكالمات أو رسائل نصية من السائقين المتهورين أثناء القيادة.
