اختتام فعاليات ندوة “شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”

حول الخبر: تحدث الدكتور خالد أحمد دغلس من خلال ورقة علمية عن التاريخ الثقافي لمحافظة شمال الباطنة في العصر البرونزي المبكر (3200-2000 قبل الميلاد)

نشر في: الأربعاء,23 أكتوبر , 2024 7:18م

آخر تحديث: الخميس,24 أكتوبر , 2024 8:07ص

أسدل الستار على فعاليات ندوة “شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني” التي استمرت 3 أيام، والتي شهدت حوارات علمية مثمرة ونقاشات مستفيضة حول تاريخ وحضارة هذه المحافظة العريقة.

وقد نظمت هذه الندوة هيئة الوثائق و المحفوظات الوطنية، وحظيت بمشاركة واسعة من نخبة من الباحثين والمؤرخين والمهتمين بالتراث العُماني، وتم خلال الندوة استعراض العديد من الأوراق البحثية التي تناولت جوانب مختلفة من تاريخ وحضارة شمال الباطنة، بدءًا من العصور القديمة وصولًا إلى العصر الحديث.

رعى حفل اختتام الندوة سعادة الشيخ محمد سليمان الكندي، محافظ شمال الباطنة، و تضمن الحفل تكريم الباحثين المشاركين في الندوة.

وقد قسمت أوراق عمل اليوم الختامي على جلستين، واستهلت الجلسة الأولى بورقة للدكتور علي بن سعيد البلوشي حول أثر الجغرافيا في إيضاح الشخصية الطبيعية لمحافظة شمال الباطنة.

قدمت الورقة تحليلاً عميقاً لأثر الجغرافيا الطبيعية في تشكيل شخصية محافظة شمال الباطنة، واستعرضت العناصر الجغرافية المختلفة مثل التضاريس والمناخ والموارد المائية، وكيف أسهمت هذه العناصر في تحديد موقع المحافظة الاستراتيجي وأهميتها التاريخية، كما ربطت الورقة بين هذه العناصر الطبيعية والتراث الثقافي والاجتماعي للمحافظة.

فعاليات ندوة “شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني” التي استمرت 3 أيام.

ثم تحدث الدكتور خالد أحمد دغلس من خلال ورقة علمية عن التاريخ الثقافي لمحافظة شمال الباطنة في العصر البرونزي المبكر (3200-2000 قبل الميلاد) في ضوء الاكتشافات الأثرية الحديثة.

وأشار إلى أن:

الاكتشافات الأثرية الحديثة في محافظة شمال الباطنة كشفت عن دور حيوي ومهم للمنطقة خلال العصر البرونزي المبكر، وقد ركزت الدراسة على تحليل نتائج هذه الاكتشافات، خاصة تلك المتعلقة بثقافتي حفيت وأم النار، وأظهرت النتائج وجود مجتمعات متطورة اقتصاديًّا واجتماعيًّا، حيث اعتمدت على الزراعة والتجارة مع حضارات أخرى مثل حضارة وادي السند.

كما قدمت ورقة بعنوان درهم عباسي ضرب في إفريقية سنة 160هـ باسم الأمير يزيد بن حاتم من ولاية السويق للدكتور إبراهيم بن أحمد الفضلي الذي أكد على الأهمية البالغة لدراسة النقود الإسلامية، لا سيما في فهم التطور السياسي للدول الإسلامية. فقد اعتبر النقود وثيقة رسمية صادرة عن الدولة، تحمل بصمة واضحة لحاكمها، ما يجعلها مصدرًا موثوقًا لتتبع الأحداث التاريخية.

وركز الباحث في دراسته على تحليل درهم عباسي فريد عثر عليه في سلطنة عُمان في ولاية السويق تحديدًا؛ وذلك بهدف استكشاف الجوانب التاريخية والاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بتداول النقود الإسلامية في المنطقة. وقدم وصفًا دقيقًا للدرهم من حيث الشكل والكتابات والزخارف، ثم تحليل هذه العناصر في ضوء الظروف التاريخية التي كانت سائدة في سلطنة عُمان خلال فترة سك الدرهم.

تلا ذلك تقديم ورقة عن المجموعات اللهجية في محافظة شمال الباطنة:

دراسة لغوية ميدانية للدكتور عامر بن أزاد الكثيري الذي تناول التنوع اللغوي البارز في محافظة شمال الباطنة و ركز على تحديد الملامح الرئيسة للمجموعات اللهجية في هذه المحافظة، وذلك من خلال دراسة متغيرات لغوية متعددة مثل الصوتيات والصرف والتركيب والمعجم. بعد أن اظهرت النتائج الأولية وجود اختلافات واضحة بين اللهجات الساحلية والجبلية، مع وجود لهجات مختلطة نتيجة للتفاعل الاجتماعي والاقتصادي بين سكان المنطقتين.

اعتمدت الورقة على منهجية ميدانية شملت مقابلات مع عدد من المتحدثين الأصليين في مختلف مناطق المحافظة، وقد أشارت النتائج إلى وجود مجموعتين لهجيتين رئيستين في شمال الباطنة: مجموعة اللهجات البدوية الساحلية وهي تشمل الولايات من السويق إلى صحار ومجموعة اللهجات في لوى وشناص، كما أظهرت الدراسة أن اللهجات الجبلية في المحافظة ترتبط بلهجات مناطق أخرى في سلطنة عُمان، مما يشير إلى وجود تداخل لغوي بين المناطق المختلفة.

من جانبه تناول الباحث نبيل بن ماجد العبري الوقف في صحار الانعكاسات الاجتماعية والثقافية حيث تحدث عن دور الوقف في تحقيق التكافل الاجتماعي في المجتمع العُماني.

وأشار إلى أن:

الوقف لم يكن مجرد عمل خيري، بل كان نظامًا متكاملاً أسهم في رعاية الفئات الضعيفة وتأصيل قيم التعاون والتكافل. كما أبرزت الورقة تنوع أنواع الأوقاف وإسهامات مختلف فئات المجتمع فيها.

وقد اعتمد الباحث على مجموعة متنوعة من المصادر، بما في ذلك الوثائق والمخطوطات والشواهد المادية، بالإضافة إلى المقابلات مع المختصين.

فعاليات ندوة “شمال الباطنة في ذاكرة التاريخ العُماني”.

وبدأت الجلسة الثانية بورقة للدكتور جابر سليمان فخار من جامعة غرادية بالجزائر عنوانها “المدارس العلمية في صحار ودورها الفكري خلال القرن الثالث الهجري” أبرزت الدور المحوري الذي لعبته صحار كمركز علمي وثقافي بارز في تلك الفترة، وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز وتاريخها العريق، وقد استقطبت المدينة العديد من العلماء والطلاب، ما أسهم في ازدهارها الحضاري. كما ناقشت الورقة الأحداث والتغيرات المهمة التي شهدها المجتمع العُماني خلال هذا القرن، والتي تركت آثارًا بالغة على مختلف جوانب الحياة.

كما سلطت الضوء على المدارس الفكرية التي ظهرت في صحار خلال القرن الثالث الهجري، ودور علمائها في نشر العلم والمعرفة. وقد استندت الورقة إلى مصادر متنوعة، منها المطبوعات والمخطوطات، لتحليل هذه المدارس وأثرها في المجتمع. وتناولت الورقة محاور رئيسة منها نشأة هذه المدارس وأبرز علمائها، ودورهم في تطوير الحركة العلمية والثقافية في صحار.

جانب من التكريم.

ومن المدارس الفكرية إلى غريب الألفاظ حيث قدم الدكتور علي بن حمد الرِّيامي ورقة علمية في الندوة عنوانها مِنْ غريبِ اللفظِ في كتاب الماءِ للأزدِيِّ الصُّحَارِيِّ فِي ضَوءِ نَظَرِيَّة الحُقُولِ الدَّلاليَّةِ “حقل النباتات والأشجار وما يتعلق بها- دراسة معجمية دلالية” حيث تناول كتاب “الماء” لأبي محمد عبد الله بن محمد الأزدي الصُحاري، وهو أحد أقدم المعاجم الطبية العربية. وقد ركز الباحث على دراسة الألفاظ الغريبة التي وردت في هذا الكتاب، والتي تشكل تحديًا لفهم المعاني الدقيقة للمصطلحات الطبية المستخدمة في ذلك العصر. وسعى الباحث من خلال هذه الورقة إلى كشف غموض هذه الألفاظ وتتبع تطور دلالاتها عبر الزمن.

وقد قام بتحليل الألفاظ الغريبة في كتاب “الماء” وفقًا لحقولها الدلالية، مثل الأدوية والأعشاب والأمراض. وقد استخدم الباحث منهجًا وصفيًّا تحليليًّا لدراسة هذه الألفاظ في سياقها الأصلي، بهدف فهم الدلالات التي تحملها وكيف تغيرت هذه الدلالات بمرور الزمن.

وفي إطار العلم أيضًا قدم الدكتور ناصر بن صالح الإسماعيلي حول الأسر العلمية في شمال الباطنة وأخذ أسرة الشيخ محمد بن أحمد الإسماعيلي نموذجاً حيث تناول سيرة أسرة الشيخ القاضي محمد بن أحمد الإسماعيلي، والتي تعدُّ إحدى أبرز الأسر العلمية في تاريخ عمان، خاصة في منطقة شمال الباطنة. وقد ركز الباحث على استخراج نسب هذه الأسرة وأعلامها، وتتبع آثارهم العلمية والأدبية، ودورهم في الحياة السياسية والاجتماعية في عُمان. كما استعرض الباحث العلاقات التي تربط هذه الأسرة بعلماء آخرين في العصر نفسه، وخاصة علاقاتهم بشرق أفريقيا.

كما سلط الضوء على أهمية هذه الأسرة كنموذج للأسر العلمية العمانية، وإبراز إسهاماتها في الحركة العلمية والأدبية خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر. وقد استعرض الباحث جوانب مختلفة من حياة هذه الأسرة، بما في ذلك حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، والوثائق والمخطوطات التي تركوها.

جانب من التكريم.

واختتمت جلسات الندوة بورقة حول الحركة العلمية في مدينة صحار:

المدرسة السُّلطانية والكمالية أنموذجًا للدكتورة هدى بنت عبد الرحمن الزدجالية ركزت فيها على المدارس الدينية التي أسهمت في تخريج العديد من العلماء والأدباء. كما ركزت الباحثة بشكل خاص على المدرسة السُّلطانية والمدرسة الكمالية، وهما من أبرز المدارس العلمية في صحار. استعرضت تاريخ تأسيس هاتين المدرستين، وأساتذتهما، وطلابهما، والأهمية العلمية لكل منهما. كما أشارت إلى الدور الذي لعبه سلاطين البوسعيد في دعم الحركة العلمية في صحار من خلال تأسيس المدارس ورعايتها.

كما سلطت الضوء على:

أهمية المدارس العلمية في صحار في تشكيل الهوية الثقافية والعلمية للمدينة. وقد اعتمدت الباحثة على المصادر التاريخية والشفهية لتحليل دور هاتين المدرستين في نشر العلم والمعرفة، وتأثيرهما على المجتمع. كما تناولت العوامل التي أسهمت في ازدهار الحركة العلمية في صحار، ودور الدولة في دعم هذه الحركة.

وقد أوصت الندوة في ختام أعمالها بمواصلة العمل في عمليات التنقيب والمسح الأثري في محافظة شمال الباطنة، وإيلاء مزيد من الجهود القائمة في الاستثمار السياحي لمختلف المواقع الأثرية والتاريخية فيها.

كما أوصت..

بتبني إنشاء مشروع متحف يتم من خلاله إبراز المعالم التاريخية والمقتنيات الأثرية والوثائق والمخطوطات التي تزخر بها محافظة شمال الباطنة بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص وإيلاء مزيد من الجهد لإبراز الشخصيات الفاعلة حضاريًّا في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية التي كان لها تأثير في تاريخ محافظة شمال الباطنة.

وأوصت كذلك..

بتشجيع المواطنين على تسجيل وثائقهم ومخطوطاتهم التي ترصد جوانب مختلفة من تاريخ محافظة شمال الباطنة وحث شخصيات المجتمع نحو تسجيل رواياتهم الشفوية لدى هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

بالإضافة إلى:

زيادة الاهتمام بدراسة الموروثات الثقافية وأنماطها المختلفة؛ سواء المادية منها أو غير المادية. وتوظيف التقنيات الناشئة لعرض تاريخ محافظة شمال الباطنة بشكل عام والتاريخ العُماني بشكل خاص. واستثمار الإعلام في إبراز الموروث الثقافي التاريخي وتجسيده بصورة تحافظ على الهوية الوطنية. وتبني مشروع وطني لجمع المصطلحات الحضارية من المصادر التاريخية والفقهية والوثائقية وغيرها.

كذلك أوصت الندوة بتوسيع مجالات التعاون مع الخبراء والمختصين في مجالات التاريخ والتراث الثقافي. ونشر البحوث العلمية التي قدمت في الندوة في السلسلة التاريخية والحضارية للمحافظات والمدن العُمانية، التي تصدرها هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية.

المصدر: العٌمانية

رابط مختصر
المصدر: العٌمانية

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا:

Secret Link