أصدرت وزارة التراث والسياحة كتابًا علميًّا جديدًا بعنوان ” في فجر التاريخ: العصر الجاهلي المتأخر في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية”، ضمن سلسلة “التراث الأثري العُماني”، التي تُنشر بالتعاون مع دار النشر العالمية “الآركيوبرس – أكسفورد”.
ويُعد هذا الإصدار إضافة نوعية إلى المكتبة الأثرية في سلطنة عُمان، ويُسلط الضوء على مرحلة مفصلية في تاريخ عُمان قبيل بزوغ الإسلام.
سد فجوة زمنية
ويُعالج الكتاب، الذي ألّفه العالمان بول يول وفاوستو ماورو، المرحلة المعروفة بـ “حقبة سمد” المرتبطة بالعصر الحديدي المتأخر، وهي فترة امتدت لعدة قرون قبل ظهور الإسلام، وتُعد من المراحل التي لا تزال تحظى باهتمام بحثي محدود، رغم أهميتها في رسم ملامح التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية.
ويستند المؤلفان في هذا العمل إلى نتائج سنوات من التنقيب الميداني والدراسات الأثرية التي أُجريت في عدد من المواقع العُمانية، إذ يقدم الكتاب تحليلًا علميًّا لأنماط الاستيطان وتقاليد الدفن وأنواع الفخار والعلاقات الثقافية المتبادلة خلال تلك المرحلة.
ويقول البروفيسور بول يول، أحد أبرز المتخصصين في آثار الجزيرة العربية: “يُسهم هذا العمل في سد فجوة زمنية تصل إلى نحو خمسة قرون في علم الآثار العُماني، حيث تركز معظم الدراسات السابقة على العصر البرونزي وفترات لاحقة، بينما تغفل هذه الحقبة الانتقالية التي تسبق الإسلام، رغم ما تحمله من دلالات حول ملامح الاقتصاد العربي القديم وتطور شبكات التبادل الإقليمي”.
إعادة تقييم التراث الأثري
من جانبه، أشار فاوستو ماورو، المتخصص في التحليل الجغرافي المكاني، إلى أن الهدف من هذا الإصدار لا يقتصر على الجانب الأكاديمي فحسب، بل يتعداه إلى الدعوة لإعادة تقييم التراث الأثري في المنطقة، قائلًا: “إن مرونة المجتمعات القديمة وقدرتها على التكيف في تلك الفترة تقدم نماذج معرفية يمكن الاستفادة منها في السياقات المعاصرة”.ويتميّز الكتاب بلغته الواضحة، واحتوائه على مجموعة من الوسائط التوضيحية والخرائط والتحليلات الحديثة.
يُذكر أن الكتاب طبع ونشر بالتوازي في كل من سلطنة عُمان والمملكة المتحدة، ويُعد مرجعًا علميًّا مهمًّا للباحثين والمتخصصين في مجالات الآثار والتاريخ والأنثروبولوجيا، كما يستهدف القارئ العام المهتم بتاريخ المنطقة العريق.
