كشفت دراسة طبية حديثة أجراها باحثون من جامعة سوجو (Soochow University) في الصين، أن تناول 250 مل فقط من المشروبات الغازية يوميًا — أقل من علبة واحدة — يمكن أن يزيد خطر الإصابة بمرض الكبد الدهني بنسبة تصل إلى 60%.
ونُشرت نتائج الدراسة ضمن أبحاث ستُعرض في مؤتمر الجهاز الهضمي الأوروبي (UEG Week) المنعقد في برلين.
الكبد الدهني الناتج عن اضطراب الأيض
يركّز البحث على ما يُعرف بـ مرض الكبد الدهني الناتج عن اضطراب الأيض (MASLD)، وهو مرض ينتج عن تراكم الدهون داخل خلايا الكبد نتيجة النظام الغذائي غير الصحي.
ويعد هذا المرض من أكثر الأمراض الصامتة انتشارًا، حيث تشير مؤسسة الكبد البريطانية (British Liver Trust) إلى أنه قد يصيب شخصًا من كل خمسة في المملكة المتحدة، وقد تصل النسبة الحقيقية إلى 40% بسبب ضعف التشخيص المبكر.
اعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات أكثر من 123 ألف شخص بالغ من المشاركين في دراسة الصحة البريطانية (UK Biobank)، الذين تتراوح أعمارهم فوق 55 عامًا.
خلال متابعة استمرت 10 سنوات، ظهرت إصابات بمرض الكبد الدهني لدى 1,178 شخصًا، وتُوفي 108 منهم بسبب مضاعفات مرتبطة بالكبد.
ووجد الباحثون أن:
الأشخاص الذين شربوا مشروبات غازية محلاة بالسكر مثل الكولا التقليدية، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالمرض بنسبة 50%.
بينما ارتفع الخطر إلى 60% لدى من تناولوا المشروبات منخفضة أو خالية السكر مثل دايت كولا وسبرايت زيرو.
قال الدكتور ليهي ليو (Lihe Liu)، الباحث في أمراض الجهاز الهضمي في جامعة سوجو، إن النتائج “تُفنّد الاعتقاد الشائع بأن المشروبات الغازية الدايت آمنة”، موضحًا:
“حتى كميات صغيرة — مثل علبة واحدة يوميًا — ترتبط بزيادة خطر تراكم الدهون في الكبد. ويجب إعادة النظر في دور هذه المشروبات ضمن الأنظمة الغذائية.”
وأوضح الباحثون أن المشروبات المحلاة بالسكر ترفع مستويات الجلوكوز والإنسولين بسرعة، ما يؤدي إلى زيادة تراكم الدهون في الكبد، في حين أن نظيراتها “الدايت” قد تؤثر في بكتيريا الأمعاء وتزيد الرغبة في تناول الحلويات، مما يضر بصحة الكبد على المدى الطويل.
أظهرت الدراسة أيضًا أن استبدال المشروبات الغازية بالماء يقلل خطر الإصابة بالمرض بنسبة 12% إلى 15%.
ويقول الدكتور ليو:
“الماء هو الخيار الأفضل، فهو يخفّف العبء الأيضي عن الكبد ويمنع تراكم الدهون.”
دعا الباحثون إلى إعادة تقييم دور المشروبات الغازية “الدايت” في الأنظمة الغذائية، مؤكدين أنها ليست بديلًا صحيًا كما تروّج له الشركات.
كما شددوا على أهمية التوعية بخطر الكبد الدهني، الذي غالبًا ما يُكتشف متأخرًا أثناء الفحوص الروتينية، محذرين من أن الدهون الزائدة والسكر غير المنضبط قد يسببان أضرارًا خطيرة للكبد على المدى الطويل.