مع الاهتمام المتزايد بالبيئة، والاتجاه نحو الطبيعة والخامات الطبيعية، بدأ المصممون في العودة إلى ألوان الأرض والنغمات الطبيعية في التعبئة والتغليف وتصميمات الويب والإعلانات، كما يتجلى الاتجاه إلى الألوان الأرضية في التصميم الداخلي وتصميم الأزياء، مع الأشكال المستوحاة من الطبيعة. هنا نحاول استكشاف ماهية الألوان الأرضية وكيف نشأت، وكيفية استخدامها بفعالية في الفن والتصميم.
في دائرة اللون
تشير الألوان الأرضية إلى مجموعة ألوان تمثل الأرض أو التربة والمعادن الطبيعية، ويمكن استخدامها معا لإنشاء تصميمات متناغمة. أهمها المغرة الصفراء، والأصفر الداكن، والبني المحروق. يتم الحصول على أغلب هذه الصبغات من المعادن الموجودة بالأرض، نتيجة لذلك تحتوي العديد من اللوحات الزيتية القديمة على ألوان ترابية أو أرضية مقارنة باللوحات اللاحقة، والتي غالبا ما تستخدم أصباغا تركيبية ذات ألوان زاهية.
ينظر إلى الألوان الأرضية كواحدة من أكثر مجموعات الألوان تناسقا معا، لأنها تجتمع معا بشكل طبيعي دون جهد، كما تتناسق مع ألوان الطبيعة بشكل عام، سواء ألوان النباتات أو الحيوانات أو السماء والبحار، ليبدو التناغم بينهم جيدا بشكل كبير.
في دائرة الألوان الحديثة، يتم تمثيل الألوان الأرضية على أنها صبغات داكنة ذات ألوان دافئة، مثل البرتقالي والأحمر والأصفر، بالإضافة إلى البني الذي يعطي هذه الألوان نكهة ترابية في حال إضافته لها. والألوان الترابية هي:
الأوكر Ochre
هو لون أصفر بني قريب من لون الأرض الطينية الطبيعية. وهو جزء من عائلة الألوان الترابية الأرضية التي تشمل المغرة الصفراء، المغرة الحمراء، المغرة الأرجوانية، بالإضافة إلى البني السيينا والبني الأومبر.
الأوكر لون أصفر بني قريب من لون الأرض الطينية الطبيعية
الأومبر Umber
هو لون بني أحمر غامق، سمي على اسم صبغة تحتوي على أكسيد الحديد وأكسيد المنغنيز، عند تعرضه للحرارة يصبح أكثر قوة ليظهر لون البيرنت أومبر “Burnet umber” أو البني الأحمر الداكن.
لون البيرنت أومبر
السيينا Sienna
صبغة صفراء بنية جاء اسمها اشتقاقا من ولاية سيينا الإيطالية، حيث تم إنتاجها خلال عصر النهضة. عند تسخين الصبغة يتحول السيينا إلى البني الأحمر.
السيينا صبغة صفراء بنية جاء اسمها اشتقاقا من ولاية إيطالية تحمل نفس الاسم
البرتقالي المحروق Burnet Orange
تعد الألوان الأرضية واحدة من أكثر مجموعات الألوان تناسقا معا، لأنها تجتمع معا بشكل طبيعي دون جهد، كما تتناسق مع ألوان الطبيعة بشكل عام، سواء ألوان النباتات أو الحيوانات أو السماء والبحار، ليبدو التناغم بينهم جيدا بشكل كبير.
تاريخ الألوان الأرضية
نظرا لارتباط الألوان الأرضية بالطبيعة، فإن هذه المجموعة من الألوان هي عكس الاصطناعية الصاخبة، وتبدو أكثر هدوءا وأصالة. عندما ننظر إليها نجد تلك المجموعة اللونية مرتبطة بالفخامة والمواد الراقية مثل الجلود وأخشاب الماهوغني والمفروشات الفخمة، لذلك عند استخدامها في الأثاث والديكور الداخل تعطي انطباعا بالراحة والرفاهية.
أما عن تاريخها فهي من أقدم المجموعات اللونية التي يمكن الحصول عليها بسهولة من على سطح الأرض، أو الطبقات المكشوفة، عكس بعض الأصباغ الأخرى التي تستخرج من طبقات التربة العميقة.
استخدم الأوكر منذ ما يقرب من 75000 عام، وتم العثور على قطع من الأحجار المنقوشة بهذا اللون بتصميمات مجردة في الموقع الأثري لكهف بلومبوس بجنوب أفريقيا، كما تم استخدام درجات مختلفة من المغرة الحمراء والصفراء في فنون أستراليا القديمة، وبلاد ما بين النهرين، ومصر القديمة.
خلال عصر النهضة..
استخرجت الأصباغ الأرضية بكميات كبيرة من مدن إيطاليا، واستخدمت باللوحات والجداريات، واشتق اسم أومبر من مدينة تيرا دومبرا “أرض أومبريا”. أواخر القرن الثامن عشر طور العالم الفرنسي جان إتيان إستير عملية صناعية لإنتاج صبغات المغرة المستوحاة من المنحدرات الحمراء والصفراء الزاهية المحيطة بمسقط رأسه مدينة روسيون، واخترع طريقة لتصنيع الصبغة واستخدامها بالدهانات الفنية ودهانات المنازل.
في أعقاب حرب فيتنام، تحول المستهلكون الأميركيون إلى الألوان الترابية في تزيين المنازل والأزياء والاحتفالات، كما تم تحفيز المخيلة الشعبية الهائلة لألوان الأرض خلال هذا العقد بعد إقامة أول يوم للأرض في 29 أبريل/نيسان 1970.
في التصميم
بدأ مصممو اليوم إعادة النظر في الألوان الأرضية والتصميمات المستوحاة منها مرحلة السبعينيات، كرد فعل على الألوان الاصطناعية فائقة السطوع المستخدمة غالبا بالتكنولوجيا الرقمية، بالإضافة للاهتمام المتجدد بتأثير تغير المناخ على استدامة البيئة، مما ساعد على أن تشهد الألوان الأرضية انتعاشا طال انتظاره.
يمكن أن تكون الألوان الترابية..
مهدئة بشكل كبير في التصميم الداخلي للمنازل، مما يجعلها خيارات ممتازة للمساحات المهمة بالمنزل مثل غرف المعيشة، وغرف النوم. ومع إضافة المظهر المعاصر للألوان مع التأثيرات القديمة، تعمل الألوان على استعادة النوستالجيا القديمة (النوستالجيا كلمة يونانية تعني الحنين للماضي)، أو ما يطلق عليه تأثير الريترو Retro لكن في الوقت نفسه يجب تجنب استخدام الألوان الأرضية بالمناطق التي تتطلب نشاطا، مثل غرف الدراسة ومكاتب العمل.