هل نستطيع قول “وداعا أوميكرون” أم من المبكر ذلك؟ وكم بلغت وفيات كورونا منذ اكتشاف المتحور أوميكرون؟ وكيف أثرت جائحة كوفيد-19 على الخدمات الصحية؟ وما أعراض التهاب عضلة القلب الذي قد ينتج عن كورونا؟ الإجابات في هذا التقرير.
واشنطن بوست: وداعًا أوميكرون.. لنسلك الطريق الصحيح هذه المرة
تحت هذا العنوان قالت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) في افتتاحيتها إن موجة أوميكرون الخامسة التي تعيشها الولايات المتحدة منذ ظهور الوباء، تتراجع حاليا كما هي مؤشرات الوباء في معظم الولايات الأميركية، لكن المراحل السابقة أظهرت أن مسألة تخفيف القيود يجب أن تتم مقاربتها وفق الظروف المحلية لتفادي أي “تخفيف متهور”.
تعبيرية
وذكرت الصحيفة أنه في حين يبقى عدد الوفيات المسجلة في البلاد مرتفعا، تراجع عدد الإصابات اليومية حيث بلغ مستوى هو الأدنى منذ 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، كما أن متوسط عدد الإصابات أسبوعيا البالغ 300 ألف حالة انخفض لليوم 23 على التوالي، كما تراجعت حالات دخول المستشفيات؛ لكن هذه المؤشرات مجتمعة لا تعني أن الوباء قد انتهى بل فقط أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح.
وقد حذر مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايكل رايان مؤخرا من أن “الحكومات حاولت مرارا وتكرارا العودة إلى الحياة الطبيعية، لكنها أخفقت في ذلك بسبب قرارات بالفتح قبل الأوان”، وهو بالضبط ما حدث بالولايات المتحدة في 2020 حينما أدى الفتح المبكر لارتفاع قياسي في عدد الإصابات.
وفي مطلع الصيف الماضي، عندما كان الجميع يأخذ نفسا عميقا من التأثير الإيجابي للقاحات، اجتاحت موجة دلتا الأمة الأميركية في ظل عدم كفاية في الاختبارات التشخيصية، ثم جاء أوميكرون بعد ذلك متجاوزا المتحور الدلتا وانتشر كالنار في الهشيم وسط قطاع عريض من المواطنين غير الملقحين، مما تسبب في وفيات لم يكن لها أي داع على الإطلاق.
لذلك -تضيف الصحيفة- دعونا هذه المرة نقوم بالأمر بالشكل الصحيح من خلال: أولا، إتمام مهمة التطعيم حيث لم يحصل بعد ما يقرب من نصف السكان المؤهلين على الجرعة المعززة، كما أن حوالي خمس السكان لم يتلقوا أصلا أي جرعة على الإطلاق. ومن شأن الزيادة الكبيرة في نسبة المطعمين أن تصنع المعجزات في ظل موجة أو متحور جديد آخر.
ثم ثانيا من خلال مراعاة القوانين التنظيمية للظروف المحلية لكل ولاية ومنطقة على حدة، مثل معدل إيجابية الاختبار والحالات لكل فرد، عند اتخاذ قرار بشأن رفع أي من القيود الاحترازية مثل ارتداء الكمامات مثلا.
ثالثًا، يجب على حكومة الولايات المتحدة مواصلة الضغط على الشركات لمواصلة إنتاج معدات الاختبار والكمامات، بالإضافة إلى الأدوية المضادة للفيروسات، بحيث يتم تخزينها واستخدامها بشكل ملائم في حالة ظهور متحور جديد، كما أن الوصول إلى المزيد من غير الملقحين خارج الولايات المتحدة سيكون أيضا أمرا جيدا.
توديع أوميكرون وكورونا قد يكون مبكرًا لهذا السبب
ومما يؤكد ما ذكرته واشنطن بوست من أن مسألة تخفيف القيود يجب أن تتم مقاربتها وفق الظروف المحلية لتفادي أي تخفيف يؤدي لإعادة ارتفاع الإصابات؛ إعلان منظمة الصحة العالمية – الثلاثاء – تسجيل نصف مليون حالة وفاة بكوفيد-19 منذ اكتشاف المتحور أوميكرون، ووصفها هذه الحصيلة بأنها “أكثر من مأساوية”.
تعبيرية
وقال مدير إدارة الحوادث في المنظمة عبدي محمود إنه تم تسجيل 130 مليون إصابة، و500 ألف وفاة في العالم منذ إعلان أوميكرون متحورا مثيرا للقلق أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
ومنذ ذلك الحين، تجاوز أوميكرون المتحور دلتا بسرعة، ليصبح الطاغي في العالم كونه أسرع انتشارا، مع أنه بدا أن أعراضه المرضية أقل حدة.
وأضاف محمود في حوار مع الجمهور عبر حسابات منظمة الصحة على وسائل التواصل الاجتماعي، “في عصر اللقاحات الفعالة، يتوفى نصف مليون شخص، إنه حقا أمر غير عادي”.
ولفت إلى أنه “بينما كان الجميع يقولون إن أوميكرون أخف ضررا، غاب عن ذهنهم أن نصف مليون شخص توفوا منذ اكتشافه”، واصفا الأمر بأنه “أكثر من مأساوي”.
وقالت ماريا فان كيرخوف رئيسة الفريق التقني المعني بكوفيد-19 في المنظمة إن العدد الهائل للإصابات بأوميكرون يثير الذهول، وقد تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من المعروفة.
وأضافت “ما زلنا في خضم هذا الوباء. آمل أننا نقترب من نهايته”، موضحة أن “العديد من البلدان لم تتجاوز ذروة أوميكرون بعد”.
وأعربت فان كيرخوف عن قلقها الكبير إزاء ارتفاع عدد الوفيات لأسابيع عدة متتالية، مؤكدة أن “هذا الفيروس لا يزال خطيرا”.
وتتعقب منظمة الصحة العالمية 4 سلالات فرعية من المتحور أوميكرون. وبينما كانت السلالة الفرعية “بي إيه.1” (BA.1) هي السائدة، فإن “بي إيه.2” (BA.2) أكثر عدوى، ومن المتوقع أن تمثل حصة متزايدة من إصابات أوميكرون.
وقالت فان كيرخوف إنه لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى أن “بي إيه.2” تتسبب بأعراض مرضية حادة أكثر “بي إيه.1″، لكنها شددت على أن جمع الأدلة لا يزال “في مراحل مبكرة”.
أما محمود فقد لفت إلى أن من غير المعروف حتى الآن ما إذا كانت الإصابة بـ”بي إيه.1″ و”بي إيه.2″ ممكنة في الوقت نفسه.
اضطراب الخدمات الصحية في أكثر من 90% من الدول
كشفت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية حول تأثيرات جائحة كوفيد-19، عن تعطل واضطراب الخدمات الصحية الأساسية، ومن بينها برامج التطعيم وعلاج أمراض مثل الإيدز في 92% من بين 129 دولة شملتها الدراسة.
وقالت المنظمة -في بيان أرسل إلى الصحفيين الاثنين- إن الدراسة المسحية التي أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2021، أظهرت أن الخدمات “تأثرت بشدة” مع “عدم حدوث تحسن، أو تحسن طفيف لا يذكر” عن المسح السابق في أوائل 2021.
وجاء في البيان:
“تسلط نتائج الدراسة الضوء على أهمية اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة التحديات الكبرى أمام الأنظمة الصحية، وعودة الخدمات وتخفيف تأثيرات الجائحة”.
وفي واقع الأمر، تدهور مستوى الرعاية العاجلة التي تشمل خدمات الإسعاف والطوارئ، حيث سجلت 36% من البلدان اضطرابات في الخدمات مقابل 29% فقط في أوائل 2021، و21% في الدراسة الأولى في 2020.
وتعطلت عمليات اختيارية على غرار استبدال أو تقويم مفاصل الورك والركبة في 59% من الدول، وسُجلت أيضا فجوات أو أوجه قصور في الرعاية الخاصة بإعادة التأهيل وتسكين أوجاع المرضى بأمراض خطيرة في حوالي نصف الدول.
وتزامنت الدراسة مع زيادة إصابات كوفيد-19 في دول كثيرة أواخر 2021، بفعل انتشار المتحور أوميكرون السريع العدوى، مما زاد الضغط على المستشفيات.
وأرجع بيان منظمة الصحة العالمية هذا الكم من الاضطرابات إلى “مشاكل في النظم الصحية موجودة من قبل”، وكذلك تراجع الطلب على الرعاية، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
كورونا قد يقود لالتهاب عضلة القلب
الإصابة بفيروس كورونا يمكن أن تسبب التهابا في أوعية جميع أعضاء الجسم بما في ذلك القلب. إذ بات من المؤكد أن فيروس كورونا لا يلحق ضررا بالرئة فقط، بل يمكنه مهاجمة كافة خلايا الجسم، حتى أن القلب قد يتأثر بذلك سواء من خلال الإصابة بكوفيد-19 أو بعدها بفترة.
وسبق لدراسة أجراها فريق بحث تابع لجامعة غوته في فرانكفورت بألمانيا أن أكدت في 2021 على أنه حتى عند الإصابة بأعراض خفيفة من كورونا يمكن للقب أن يتضرر، وفقا لما نقل موقع دويتشه فيله.
فمن بين 100 شخص شملتهم الدراسة وتتراوح أعمارهم بين 45 و53 عاما، عانى الثلثان منهم من مشكلات في القلب بعد الإصابة بفيروس كورونا، رغم أن البعض منهم كانت أعراضه خفيفة.
دراسات أخرى خلصت إلى أنه حتى الشباب وأصحاب اللياقة البدنية الجيدة يمكن إصابتهم بالتهاب في عضلة القلب بعد الإصابة بفيروس كورونا، ويمكن أن يحدث ذلك بسبب عدوى فيروسية مختلفة.
وأوضح فيليب وينزل، وهو اختصاصي في أمراض القلب في المستشفى الجامعي بمدينة ماينز الألمانية -في مقابلة مع إذاعة بافاريا “BR”- قائلا “لاحظنا أن المرضى الذين أصيبوا بفيروس كورونا ظهرت عليهم أعراض التهاب عضلة القلب الحاد بعد أسابيع قليلة”.
وكما أفاد فريق البحث في مجلة “جاما كارديولوجي” (JAMA Cardiology)، فقد شارك 1597 رياضيا في الدراسة، وكان جميع هؤلاء الرياضيين المشاركين في البحث سبق لهم الإصابة بفيروس كورونا.
وأظهرت النتيجة إصابة 37 شخص (2.3% من مجموع المشاركين في البحث) بالتهاب عضلة القلب، وكان 9 منهم فقط قد ظهرت عندهم الأعراض، حيث كانوا يعانون من آلام في الصدر وضيق تنفس.
وتحدثت تقارير كثيرة العام الماضي عن مضاعفات في القلب لرياضيين سبق لهم الإصابة بكوفيد-19. ويحث الباحثون على ضرورة علاج التهاب عضلة القلب، لتجنب الإصابة بشكل مزمن بمرض القلب.
أعراض التهاب عضلة القلب
في كثير من الحالات، يسبب التهاب عضلة القلب أعراضا توجد أيضًا في أمراض القلب الأخرى الأكثر شيوعًا، مثل قصور القلب أو النوبات القلبية، وفقًا لمؤسسة القلب الألمانية.
وتؤكد المؤسسة أن 3 من كل 4 مرضى مصابين بالتهاب عضلة القلب يعانون من ضيق في التنفس، وواحدا من كل 3 يعاني من آلام في الصدر، وواحدا من كل 5 يعاني من عدم انتظام ضربات القلب (الخفقان).
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمصاب بالتهاب عضلة القلب أن يشعر بالتعب والإرهاق وفقدان الشهية والصداع، وعند الشك بوجود التهاب في عضلة القلب يجب الاتصال بالطوارئ فورا.
المصدر: الجزيرة + الفرنسية + الواشنطن بوست + دويتشه فيله + رويترز + التأمل