شهد شهر رمضان الحالي عرض مجموعة من المسلسلات السورية، تفاوتت في قيمتها الفنية، لكن بعضها شكل بارقة أمل قد تعيد الدراما السورية إلى ساحة المنافسة العربية بعد سنوات من التراجع.
ويصعب تقييم تلك الأعمال من حيث نسب المشاهدة، سواء بسبب عرضها على منصات مختلفة، بعضها يستوجب الاشتراك فيها، أو بسبب الانقطاعات الطويلة في التيار الكهربائي داخل سوريا، ما جعل من شبه المستحيل بالنسبة للسوريين متابعة أحداثها، لكن الآراء والتعليقات المنشورة على منصات التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر، يمكن أن تمثل مؤشرا يقيس ردود أفعال المتابعين.
3 أعمال تمنح الأفضلية للدراما الواقعية
حاز مسلسل “مع وقف التنفيذ” على نسب مشاهدة عالية، سواء بين السوريين، أو حتى في دول الخليج العربي بعد عرضه على قناة “إم بي سي” (MBC) ومنصة “شاهد”.
العمل الذي أخرجه سيف الدين سبيعي، وكتبه علي وجيه ويامن الحجلي، يروي حكاية مجتمع أنهكته الأزمات، ويتضمن قصص عائلات سورية عانت من التهجير أثناء الحرب وفقدت بعضا من أفرادها، لكنها ما تزال تتمسك بالأمل في تخطي معاناتها وتسعى للبدء من جديد.
المتابعون أشادوا بالموضوعات التي تم عرضها وبالأداء المتميز للممثلين، إذ يشارك فيه نخبة كبيرة من الفنانين، أبرزهم صباح الجزائري، عباس النوري، فادي صبيح، سلاف فواخرجي، غسان مسعود وغيرهم .
كذلك حقق مسلسل “كسر عضم” هو الآخر نسب مشاهدة عالية، مستفيدا من قيام شركة “كلاكيت” المنتجة بعرضه على منصة يوتيوب المتاحة للجميع.
وقد تحول العمل إلى حديث السوريين على منصات التواصل الاجتماعي ومادة دسمة لوسائل الإعلام منذ عرض الحلقات الأولى منه لعدة أسباب، منها العاصفة التي أثيرت حول حقوق ملكية النص، وبالطبع الجرأة في عرض مواضيع تتعلق بفساد السلطة في سوريا ومسؤوليتها عن تهريب الأسلحة والمخدرات، ومواضيع اجتماعية أخرى مثل الأوضاع الاقتصادية السيئة والهجرة وجريمة الشرف وغيرها.
المسلسل من كتابة علي الصالح وإخراج رشا شربتجي، ويشارك في بطولته فايز قزق، كاريس بشار، نادين، خالد القيش، نادين تحسين بيك، بالإضافة إلى عدد من الوجوه الشابة.
وبدرجة أقل من العملين السابقين، تابع المشاهدون مسلسل “على قيد الحب”، الذي يجمع الفنانين دريد لحام وأسامة الروماني للمرة الأولى منذ عرض مسرحية “غربة” في سبعينيات القرن الماضي.
وتدور أحداث المسلسل (تأليف فادي قوشقجي، وإخراج باسم السلكا) حول الضغوطات التي تواجهها عائلتا أمين وحسان اللذان تربطهما صداقة لأكثر من 4 عقود، ويشارك في بطولة العمل سلوم حداد، نادين، صباح الجزائري، وفاء موصللي، وآخرون.
أرشيفية
أجزاء جديدة من أعمال البيئة الشامية
ولم يخل موسم رمضان 2022 من أعمال البيئة الشامية، وطالها نقد كبير بسبب الأفكار المغلوطة التي تروج لها، أو مستواها الفني، وربما نال مسلسل “جوقة عزيزة” الجزء الأكبر من الانتقادات، ما ساهم في انتشاره بصورة أوسع، إذ يحاول القائمون عليه (تأليف خلدون قتلان، وإخراج تامر إسحاق) إلقاء الضوء على فترة الانتداب الفرنسي في سوريا عبر قصة شعبية تدور أحداثها في دمشق خلال ثلاثينيات القرن الماضي بطلتها الراقصة عزيزة.
لكن كثيرا من المتابعين انتقدوا رسالته، فاختلفت الآراء بين من اتهم المسلسل بالجرأة المبالغ بها ولا سيما أنه يعرض خلال شهر الصوم، وبين من وجده بعيدا عن الواقع السوري آنذاك وفيه كثير من التقويض لمرحلة النضال الشعبي ضد الفرنسيين وتقزيم المجتمع الدمشقي الذي ضم آنذاك نخبا من المثقفين والسياسيين.
النقد الأخير، لطالما تم توجيهه لمسلسل “باب الحارة” الذي وجِد أيضا في السباق الرمضاني هذا العام بجزئه الـ12، على الرغم من غياب معظم نجوم الأجزاء الأولى عنه والتي منحته الشعبية الكبيرة التي نالها خلال السنوات الماضية.
الجزء الجديد، الذي اعتبره البعض محاولة بائسة لإنقاذ السلسلة، يشارك فيه نجاح سفكوني، سلمى المصري، والراحل زهير رمضان، الذي تبيّن أن تصوير مشاهده قبل وفاته في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الفائت، والمسلسل من كتابة مروان قاووق، وإخراج محمد زهير رجب، الذي أخرج مسلسلا آخر هذا العام هو الجزء الثاني من “بروكار” من تأليف الراحل سمير هزيم، ويتناول عالم صناعة وتجارة الحرير في دمشق خلال القرن الماضي.
ولعل الموسم الثاني من “حارة القبة” هو أفضل أعمال البيئة الشامية هذا العام من الناحية الفنية، ويتحدث عن معاناة الأهالي خلال فترة الحكم العثماني، وهو من تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي، ويلعب أدوار البطولة فيه كل من عباس النوري، صباح الجزائري، سلافة معمار، خالد القيش، محمد حداقي، وغيرهم.
وبالإضافة إلى هذه الأعمال، يندرج الجزء الثاني من “الكندوش” ضمن ذات الفئة، لكنه يتخذ مسارا أكثر حيوية وتشويقا عما كان عليه الجزء الأول، وهذا ما عرضه لانتقادات لاذعة، لكنه لم يخل من الإشكاليات بعدما قام مخرج العمل، سمير حسين، بإسقاط اسم مؤلف النص الأصلي الفنان حسام تحسين بيك من شارة المسلسل ونسبه إلى الكاتب محمد العاص، والمسلسل من بطولة أيمن زيدان، سلاف فواخرجي وصباح الجزائري، كندة حنا، سعد مينا، شكران مرتجى، محمد حداقي.
أعمال الكوميديا لا تلبي طموحات الجمهور
لم يستطع الجزء الـ15 من سلسلة “بقعة ضوء” الكوميدية الساخرة تحقيق ذات النجاح الذي حققته الأجزاء الأولى، وربما يعود ذلك لاقتصار عرضه على القنوات السورية والأردنية، وكما جرت العادة، يشارك في اللوحات الكوميدية مجموعة من الكتاب والمخرجين والممثلين، كأيمن رضا، أحمد الأحمد، شكران مرتجى، محمد حداقي، وغيرهم الكثير.
وضمن فئة الكوميديا، تقدم الدراما السورية هذا العام عملين آخرين، الأول هو “الفرسان الثلاثة” من تأليف محمود الجعفوري، وإخراج علي المؤذن، وتدور أحداثه حول 3 رجال تجاوزوا سن الـ50 ويحاولون مواجهة الفساد الوظيفي وتأمين قوت يومهم بطرق مختلفة، وهو من بطولة أيمن زيدان وجمال العلي وجرجس جبارة.
أما الآخر، فهو مسلسل “حوازيق” وتدور أحداثه في فندق اضطر أصحابه لاستقبال مزيد من النزلاء الجدد بسبب الضائقة المالية، وهو من تأليف زياد ساري وإخراج رشاد كوكش، وبطولة سلمى المصري ووائل رمضان.
تراجع الأعمال السورية اللبنانية المشتركة
وشهد هذا الموسم تراجعا ملحوظا في عدد الأعمال السورية اللبنانية المشتركة مقارنة بالسنوات الماضية، وغياب أبرز نجومها مثل تيم حسن ومكسيم خليل وعابد فهد وقصي خولي.
وبعد عرض الموسم الأول على منصة “نتفليكس” يعود مسلسل “للموت” إلى الواجهة عبر منصة “شاهد” وقناة “إم تي في” (MTV) اللبنانية، حيث يتم استكمال أحداث المسلسل على نفس نسق الجزء الأول منه، وهو من تأليف نادين جابر وإخراج فيليب أسمر، وبطولة ماغي بوغصن، دانييلا رحمة، محمد الأحمد، وباسم مغنية.
كما يدخل السباق الرمضاني هذا العام مسلسل “ظل” الذي يروي قصة صاحب شركة محاماة يتحكم في حياة الآخرين، وهو من تأليف سيف رضا حامد، وسيناريو زهير الملا، وإخراج محمود كامل، ويلعب أدوار البطولة فيه جمال سليمان، عبد المنعم عمايري، يوسف الخال، كندة حنا، وجيسي عبدو.
عودة الأعمال التاريخية
وشهد رمضان 2022 عودة الأعمال التاريخية من خلال مسلسل “فتح الأندلس” الذي يحاول تسليط الضوء على حقبة مهمة في التاريخ الإسلامي وشخصية أمير طنجة طارق بن زياد.
والمسلسل الذي أخرجه محمد سامي العنزي مأخوذ عن نص للكاتب مدين الرشيدي بالتعاون مع عدة كتاب، وهو من بطولة سهيل الجباعي، رفيق علي أحمد، تيسير إدريس، بيير داغر، وغيرهم.
بالإضافة إلى ذلك، يأتي مسلسل “ذئاب الليل” للمخرج سامي الجنادي والكاتب هاني السعدي، وهو من فئة الفانتازيا التاريخية، وتدور أحداثه حول مدينة محاصرة بالشر والطمع، وهو من بطولة سلوم حداد، نادين، زيناتي قدسية، بالإضافة إلى مهيار خضور ولجين إسماعيل وآخرون.
المصدر: الجزيرة ـ التأمل