زواج الكفيف بالكفيفة.. خوف الأهل والرفض يبعثران أحلامًا وردية

حول الخبر: يشعر الكفيف بالخيبة تجاه أفراد عائلته عندما يواجه قرار ارتباطه بفتاة أحلامه "الكفيفة" بالرفض.
الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نصت على حقهم بتكوين أسرة (شترستوك)
الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نصت على حقهم بتكوين أسرة (شترستوك)

نشر في: الأحد,13 فبراير , 2022 5:17م

آخر تحديث: الأحد,13 فبراير , 2022 5:47م

“فكرة الزواج لم تكن ضمن حساباتي يوما.. إلا أن القدر شاء برغبة شاب بالارتباط بي.. وعند الموافقة والشعور بالأمان نحو هذا الشخص.. في لحظة تبعثرت الأحلام وتبخرت برفض عائلة الشاب هذا الزواج”، هذا ملخص تجربة الثلاثينية رندة، وهي موظفة كفيفة، أقبل أحد زملائها في عملها السابق، وهو كفيف أيضا، على خطبتها.

إغلاق الهاتف وهروب الشاب من التفسير والمواجهة وضعا رندة في حلقة ضيقة من التساؤلات، أبرزها سبب رفض عائلته فكرة ارتباطهما، وذلك وضعها في حالة نفسية وصحية “صعبة”.

تقول رندة:

“تماثلت للشفاء بعد مرور بضعة أيام، إلا أنني شعرت بقسوة الحياة كأنني حينئذ فقدت البصر من جديد لسوداوية نفوس بعض البشر، خصوصا عندما علمت من إحدى الصديقات أن عائلة الشاب تنوي تزويجه بفتاة مبصرة”.

لم يطل الأمر، وتزوج الشاب بالفتاة بعد شهرين فقط من تقدمه لخطبتها، وتعلق رندة قائلة “كأن الزواج عبارة عن تبديل قطع شطرنج.. قطعة تستبدل بأخرى”.

رفض عائلة الكفيف أو الكفيفة فكرة ارتباطهما يضعهما في حالة نفسية وصحية صعبة (غيتي)

زواج الكفيف ليس “آفة” ولكن!

يشعر الكفيف بالخيبة تجاه أفراد عائلته عندما يواجه قرار ارتباطه بفتاة أحلامه “الكفيفة” بالرفض، معتقدا أنهم يتجاهلون رغبته واحتياجاته النفسية، رغم تبرير رفضهم بالمخاوف والاحتمالات المستقبلية من وجهة نظرهم.

ويقول اختصاصي علم النفس، علي الغزو، متحدثًا عن المجتمع الأردني، إن:

“زواج الكفيف ليس آفة ويصبح آفة عند محاربته. ومع الأسف، لا تزال في مجتمعنا الأردني نظرة سلبية لزواج الكفيف، وهنا يأتي دور مؤسسات رعاية المكفوفين والمنظمات الحكومية والخاصة والإعلام، بضرورة بث الأفكار الإيجابية في هذا الجانب”.

اختصاصي علم النفس علي الغزو: مع الأسف لا تزال نظرة مجتمعنا سلبية لزواج الكفيف (الجزيرة)

ويضيف الغزو “لا ننكر الجانب الطبي بما يتعلق بهذا الموضوع.. ومخاوف الأهل من ارتباط ابنهم الكفيف بكفيفة واحتمال إنجاب أطفال كفيفين، وهنا تأتي أهمية إجراء الفحوص الوراثية اللازمة”.

وعن خوف الأهل في هذا الجانب، يوضح الاختصاصي أن زواج المكفوف بمبصرة أفضل، لأن أحدهما يساعد الآخر في المنزل والتنقل.

ويقول الغزو:

“للإنصاف، فإن هذه النظرة بدأت تتغير، وإن كان يصاحبها قلق، يمكن أن يكون قليلا إذا كانت هناك رعاية، لذا يجب أن نشجع زواج المكفوفين، لأن المكفوف يمتلك قدرات عقلية قد لا تتوفر لدى المبصر”.

علي الغزو: من المهم إجراء فحوص وراثية قبل زواج الكفيفين بسبب احتمال إنجاب أطفال كفيفين (غيتي)

تأثير رفض زواج الكفيفين

وعن آثار الرفض من الجانب النفسي، فإن الاختصاصي الغزو يشير إلى أنه “قد يغلب جانب المشاعر على العقل لدى الكفيف أو الكفيفة، فيدفعهم إلى إلحاق الضرر بأنفسهم، فالشاب قد لا يتكيف مع الفتاة التي تزوجها بناء على رغبة الأهل، ومن الممكن أن يلجأ إلى بعض التصرفات التي تجعل الزوجة المبصرة لا تتكيف معه”.

ويقول:

“عدم قبول زواج الكفيفيْن يضعهما في شباك الحالة النفسية الصعبة، لذا يجب أن نحترم رغباتهما، وإذا كان المكفوفون يعيشون في بيئة حاضنة وواعية فإن الأسرة ستتقبل رغبة الابن وقراره وتمضي بهما، أما المشاكل والخلافات فغالبا تنجم في البيئات الفقيرة التي ليس لديها وعي وثقافة”.

الاعتماد على النفس

رسمي شاب موظف في إحدى الشركات، لديه إعاقة بصرية، ارتبط بمعلمة كفيفة أيضا، لم تعارض عائلتا الطرفين زواجهما؛ لقناعتهما بحقهما في اختيار شريك الحياة.

استجاب رسمي وزوجته لرغبة والديه بإقامتهما في بيت العائلة، وبعد مرور الوقت وشعور الزوجين بقدرتهما على الاعتماد على نفسيهما، قررا استئجار منزل والعيش بمفردهما.

ولا ينكر الزوجان بعض الصعاب التي واجهتهما في بادئ الأمر، من شراء حاجات المنزل، واعتياد المكان والجيران، وبعض المواقف التي تتطلب المساعدة من الآخرين.

مضى على زواجهما 5 أعوام، وكانت ثمرته طفلا وطفلة، وأصبحت الزوجة متمكنة من إدارة شؤون المنزل ورعاية الصغيرين.

ويؤكد رسمي أن التكنولوجيا أسهمت كثيرا في تذليل الصعوبات، إذ يمكن تنزيل البرامج الناطقة على الهواتف النقالة والحواسيب لتسهيل شؤون الحياة، فهو يتجه لعمله من خلال طلب تطبيقات التوصيل، في حين تلجأ الزوجة إلى بعض البرامج الخاصة بالمكفوفين لإعداد الأطعمة والمشروبات وغيرها.

ويتفق الزوجان أن الاعتماد على النفس هو السمة الأساسية لنجاح تجربة الزواج بين المكفوفين.

***فقط للاستخدام الداخلي**** رأفت الزاويتي زواج الكفيف والكفيفة المصدر: الجزيرة

 رأفت الزاويتي زواج الكفيف والكفيفة المصدر: الجزيرةرأفت الزيتاوي: تجب إزالة جميع العوائق التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة لتكوين أسرة (الجزيرة)

التكنولوجيا المساندة للمكفوفين

ويؤكد الناطق الإعلامي باسم المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، رأفت الزيتاوي، أن الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة نصت على حقهم بتكوين أسرة.

ويوضح..

أن هذا يتطلب إزالة جميع العوائق التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة لتكوين أسرة، مشيرا إلى أن هذه العوائق قد تكون سلوكية تتمثل في قبول المجتمع حق ذوي الإعاقة بالزواج أو رفضه، إلى جانب عامل “المقاومة”، مثل رفض الأب زواج ابنته بشخص من ذوي الإعاقة، أو رفض المجتمع.

وينوه الزيتاوي إلى أن المشكلة الثانية هي عدم المعرفة الكافية عند المجتمع والمنظمات وذوي الإعاقة أنفسهم بوسائل التكنولوجيا المساندة التي يجب أن تتوفر للأزواج الكفيفين، حتى تسهل حياتهم.

ويلفت إلى أن هناك أجهزة ملحقة بالبرامج الناطقة لقياس درجات الحرارة والضغط، وكذلك تتوفر أفران غاز وغسالات وثلاجات وغيرها مصممة بلغة بريل، إلى جانب توفر برامج يمكن تنزيلها على الهواتف النقالة، تقدم خدمات للمكفوفين للقيام بمهام المنزل.

ويقول:

“نحرص في المستقبل على إزالة العوائق التي تواجه ذوي الإعاقة، ونسعى للانتقال من مرحلة النهج الرعائي إلى النهج الحقوقي، وهو (القصور الجسدي والبيئي)، إذا ما هيأنا المتطلبات كلها في المجالات كافة، سواء في المدارس أو الجامعات أو تأمين العمل، ليصبح للأشخاص ذوي الإعاقة مصدر دخل يتمكنون به من إعالة أنفسهم وتكوين أسر”.

الدكتور فيصل غرايبة: يتردد الأهل في تزويج الكفيف أو الكفيفة خشية أن تلحق المتاعب بابنهم في حياته الزوجية المقبلة (الجزيرة)

ثلاثية: الكفيف والكفيفة.. الأهل.. المجتمع

يقول الاستشاري الاجتماعي الدكتور فيصل غرايبة “نحن هنا أمام 3 مواقف هي: موقف أهل الكفيف، وموقف أهل الطرف الآخر المقابل للكفيف، وموقف المجتمع من قضية زواج الكفيف”.

ويضيف غرايبة أن النظرة لكل موقف من هذه المواقف تختلف، إذا كان الآخر من غير المكفوفين، أي إنه مبصر، ففي الموقف الأول يتردد الأهل في تزويج الكفيف أو الكفيفة خشية أن تلحق المتاعب بابنهم في حياته الزوجية المقبلة، سواء كان الطرف المقابل من المكفوفين أو المبصرين.

ويتابع “أما الموقف الثاني فيتمثل برفض أهل الطرف الآخر طلب زواج الكفيف، مهما كانت صفاته ومؤهلاته وإمكاناته، وذلك على الرغم من أن كف البصر قد لا يعيق الكفيف في حياته الإنتاجية، ولا ينعكس بصورة قاطعة على عيشه اليومي”.

ويختم بالقول:

“نحن نعلم أن كثيرا من المكفوفين يثبتون قدرتهم على إدارة شؤون حياتهم بوجه تام وبكل اطمئنان وراحة بال، أما موقف المجتمع فإنني أراه قد توجه الآن نحو تقدير المكفوفين وإمكاناتهم، ويلاحظ ارتياح المحيطين بهم في التعامل معهم”.

المصدر: الجزيرة ـ التأمل

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: