الرياضيات أساس الجمال.. الأنماط الرياضية التي تفسر التناسق البديع في الطبيعة

حول الخبر: تفسر الرياضيات العديد من مظاهر الجمال حولنا. غير أن قدرتها على تفسير هذه المظاهر تدفعنا للتساؤل عن كونها أداة مفسرة أنتجتها أذهاننا فحسب أم أنها قانون مؤسس من قوانين الطبيعة.
أشكال مختلفة من أنماط الطبيعة الساحرة التي تتكرر من حولنا (بيكسابي)
أشكال مختلفة من أنماط الطبيعة الساحرة التي تتكرر من حولنا (بيكسابي)

نشر في: الخميس,6 يناير , 2022 6:18م

آخر تحديث: الخميس,6 يناير , 2022 8:07م

للطبيعة جمال أخاذ يظهر جليا في أنماطها الساحرة التي تتناسق في تكرارية وكأنها تتبع قانونا يحكم ظهورها بهذا الشكل. وتُرى هذه الأنماط في الأمواج وحلقات الأشجار وخلايا النحل، وفي الأوعية الدموية وحلزونات القواقع. وتستطيع قوانين الرياضيات تفسير ووصف جمال الطبيعة.

ونحن نعرف أن الرياضيات هي أداة ابتكرها البشر لوصف العالم من حولهم. ولكن لو أن هذه الأنماط المتكررة كانت نتاجا لقوانين رياضية، فهذا يعني أن الرياضيات كانت موجودة بالفعل قبل وقت طويل من ابتكار البشر لها، وذلك وفقا لسام بارون أستاذ فلسلفة العلوم في الجامعة الكاثوليكية الأسترالية (Australian Catholic University).

فهل الرياضيات أداة تفسر الجمال أم هي السبب فيه؟

 

وفقا للتقرير الذي نشره موقع “ساينس ألرت” (Science Alert)، يقول بارون “إن كانت الرياضيات هي المفسرة لكثير من الأشياء حولنا، فمن غير المرجح أن تكون الرياضيات أداة من صنعنا”. وعلى النقيض من النظرة المركزية التي تحتفي بإبداعنا الذهني، فلو نظرنا إلى الرياضيات باعتبارها مكونا أساسيا من مكونات الطبيعة التي منحت العالم من حولنا بنية مميزة، فإننا سنعيد فهم أنفسنا جيدا بدلا من الاحتفاء بإبداعاتنا.

طبيعة تحكمها الأرقام

ويعود الفضل في تفسير الطبيعة بالرياضيات إلى الفيلسوف اليوناني فيثاغورس (حوالي 575-475 قبل الميلاد)، الذي عدّ الرياضيات واحدة من لغتين -الأخرى هي الموسيقى- يمكنهما تفسير الكون من حولنا.

وبعد مرور ألفي عام، لا يزال العلماء منشغلين بالكشف عن الكيفية والمكان الذي تظهر فيه هذه الأنماط. وتأخذ هذه الأنماط أشكالا متكررة تعيد نفسها مرارا وتكرارا حتى وإن صَغُرت أكثر فأكثر، كما في القرنبيط أو في الشعيرات الدموية الدقيقة التي تكرر شكل وتفرعات الأوعية الدموية الأكبر منها.

الكسيريات أشكال هندسية تعيد تكرار هندستها المميزة كلما أخذت في الصغر (بيكسابي)

وتعرف هذه التكراريات باسم “الكسيريات” (Fractals)؛ وهو الاسم الذي صاغه لها عالم الرياضيات بنوا ماندلبروت. وتعتبر الكسيريات أشكالا هندسية تعيد تكرار هندستها المميزة كلما أخذت في الصغر، مما يخلق تشابها ذاتيا بين وحداتها البنيوية بشكل لا نهائي.

وتوجد هذه الأنماط المتكررة في الثلج وشبكات الأنهار والزهور والأشجار وصواعق البرق، وفي أوعيتنا الدموية. ويتلخص سحرها في أنها تملك سر الكيفية التي تفسير تولد التعقيد من البساطة.

حشرات تتبع الرياضيات

ويبني النحل خلاياه السداسية -متكررة النمط- بطريقة توفر أكبر مساحة تخزين وتستخدم أقل المواد؛ وهي النظرية الرياضية المعروفة باسم “حدسية قرص العسل” (Honeycomb conjecture).

كما أن لبعض أنواع حشرة السيكادا (Cicada) دورة حياة تحكمها الأرقام الأولية، إذ تظهر الأسراب الجديدة كل 13 أو 17 عاما. ويعتقد العلماء أن هذا الإيقاع المنتظم في الظهور يقيها المفترسات.

يذكر أن الطبيعة تفضل أيضا “متتاليات فيبوناتشي” (Fibonacci sequence)، إذ يكون كل رقم في المتتالية ناتجا عن جمع الرقميْن السابقين له. وترى “متتاليات فيبوناتشي” في بذور عباد الشمس ومخاريط الصنوبر وفي الأناناس.

تنمو أصداف “نوتيلوس” متبعة مبادئ منحنى “اللولب اللوغاريتمي” كل ربع دورة (ويكيبيديا-كريس)

كما تنمو المجرات الحلزونية وأصداف “نوتيلوس” (Nautilus shells) متبعة مبادئ منحنى “اللولب اللوغاريتمي” كل ربع دورة، وهو ما يعرف باسم قاعدة اللولب الذهبي (Golden spirals).

أنماط جديدة

وعلى الرغم من هذه الأنماط الرياضية الملاحظة في كل مكان في الطبيعة، فإن العلاقة بين الرياضيات والطبيعة أعمق من ذلك، وهو ما بدأنا للتو في فهمه.

ففي وقت سابق في عام 2021، اكتشف الباحثون أحد الأنماط -الذي وصف سابقا بأنه قانون الطبيعة غير المعروف- المسؤولة عن تكوين مجموعة الأشكال المدببة التي تظهر في الطبيعة مثل أسنان القرش وأنياب العنكبوت ومناقير الطيور وقرون الديناصورات.

تعرّف العلماء على النمط الرياضي الحاكم لتكوّن الأشكال المدببة كأسنان القرش (بيكسابي)

ويذكر أليستير إيفانز، عالم البيولوجيا التطورية في جامعة “موناش” (Monash University) بأستراليا وقائد الدراسة الآنفة، أن هناك “تنوعا مذهلا في الحيوانات والنباتات التي تتبع هذه القاعدة”. ويقول “إننا وجدنا هذه القاعدة في كل أشكال الحياة التي نظرنا إليها، حتى في الحيوانات التي انقرضت منذ ملايين السنين”.

ويشار إلى أن العلماء قد وجدوا عام 2015 تمثيلا للقيمة “باي” (π) الرياضية -وهي تلك النسبة الثابتة بين محيط الدائرة وقطرها والتي تساوي تقريبا 3.14- لأول مرة في عالم الفيزياء، وقد كانت كامنة في ذرات الهيدروجين. ومن ثم فإن هذه الأمثلة تعيدنا لطرح الفكرة ذاتها التي ترى أن الرياضيات توفر الإطار الهيكلي الذي يبنى عليه العالم المادي.

المصدر: ساينس ألرت + مواقع إلكترونية + التأمل

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: