استمع إلى صوت المجال المغناطيسي لأحد أقمار المشتري كما وثقته مركبة جونو

حول الخبر: سوف تسمح لنا مركبة جونو باتخاذ خطوة عملاقة إلى الأمام في فهم كيفية تشكل الكواكب العملاقة والدور الذي لعبه هؤلاء العمالقة في تجميع بقية النظام الشمسي.
استهدفت مهمة المركبة جونو بشكل رئيسي فهم أصل وتطور كوكب المشتري (ناسا)
استهدفت مهمة المركبة جونو بشكل رئيسي فهم أصل وتطور كوكب المشتري (ناسا)

نشر في: السبت,1 يناير , 2022 9:36ص

آخر تحديث: السبت,1 يناير , 2022 9:36ص

التقط جهاز الموجات المثبت على المركبة جونو (Juno Spacecraft) التي أطلقتها وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” (NASA) إلى كوكب المشتري -والذي يلتقط الموجات الراديوية المغناطيسية المنتجة في الغلاف المغناطيسي لهذا الكوكب- بيانات عن تلك الانبعاثات، وقد تم تحويل ترددها بعد ذلك لإنشاء مقطع صوتي مدته 50 ثانية من البيانات التي تم جمعها خلال مرور المهمة بالقرب من القمر غانيميد (Ganymede) -وهو أحد أقمار المشتري- في 7 يونيو/حزيران الماضي.

استهدفت مهمة المركبة جونو بشكل رئيسي فهم أصل وتطور الكوكب، فتحْت الغطاء السحابي الكثيف يحوي المشتري أسرار العمليات والظروف الأساسية التي حكمت نظامنا الشمسي أثناء تكوينه، وكمثال أساسي لكوكب عملاق يمكن للمشتري أيضا توفير المعرفة المهمة لفهم أنظمة الكواكب التي يتم اكتشافها حول النجوم الأخرى.

أصوات غانيميد

كان المقطع الصوتي الذي تم التقاطه خلال مرور المركبة جونو على مقربة من غانيميد هو أحد الموضوعات التي شاركها علماء البعثة في جلسة الاجتماع الخريفي للاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي.

وبحسب البيان الذي نشرته ناسا في 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فقد تمت مناقشة تلك الأصوات والمجالات المغناطيسية، والمقارنة بين كوكب المشتري ومحيطات الأرض والأغلفة الجوية خلال الجلسة التي عقدت حول مهمة جونو.

يقول سكوت بولتون:

الباحث الرئيسي في جونو من معهد ساوث ويست للأبحاث (Southwest Research Institute) “هذا المقطع الصوتي مثير بما يكفي ليجعلك تشعر كما لو كنت على متن المركبة جونو عند مرورها متجاوزة غانيميد للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين، وإذا استمعت عن كثب يمكنك سماع التغيير المفاجئ وعلو الترددات عند منتصف التسجيل، والذي يمثل الدخول إلى منطقة مختلفة في الغلاف المغناطيسي لغانيميد”.

لا تزال عملية التحليل التفصيلي والنمذجة لبيانات الموجات جارية، وقال وليام كورت من جامعة أيوا الأميركية -وهو الباحث المساعد في تحليل الموجات- “من المحتمل أن يكون التغيير في التردد بعد فترة وجيزة من أكبر اقتراب ناتجا عن الانتقال من الجانب المعتم إلى جانب المضيء لغانيميد”.

وفي وقت أكبر اقتراب لجونو من غانيميد -خلال رحلة المهمة 34 حول كوكب المشتري- كانت المركبة الفضائية على بعد 1038 كيلومترا من سطح القمر وتنتقل بسرعة نسبية تبلغ 67 ألف كلم في الساعة.

اثنتان من عواصف كوكب المشتري الدوارة الكبيرة تم التقاطهما بواسطة جونو (ناسا)

المجال المغناطيسي للمشتري

الخريطة الأكثر تفصيلا على الإطلاق للمجال المغناطيسي للمشتري كانت أيضا أحد مخرجات رحلة جونو والتي قام بعرضها جاك كونيرني من مركز غودارد لرحلات الفضاء (Goddard Space Flight Center) التابع لناسا، وهو الباحث الرئيسي في مقياس المغناطيسية لجونو ونائب الباحث الرئيسي للبعثة.

قام الفريق بجمع الخريطة من بيانات 32 دورة خلال مهمة جونو، وهي توفر رؤى جديدة عن البقعة الزرقاء العظيمة الغامضة للعملاق الغازي، والتي تمثل شذوذا مغناطيسيا عند خط استواء الكوكب.

وتشير بيانات جونو إلى حدوث تغير في المجال المغناطيسي للعملاق الغازي، وأن البقعة الزرقاء العظيمة تنجرف باتجاه الشرق بسرعة بوصتين في الثانية بالنسبة لبقية باطن كوكب المشتري، لتدور حول الكوكب في حوالي 350 سنة.

وعلى النقيض من ذلك، فإن البقعة الحمراء العظيمة (الإعصار الجوي الواقع جنوب خط استواء المشتري) تنجرف غربا بخطوات سريعة نسبيا، لتدور حول الكوكب في حوالي 4 سنوات ونصف.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر الخريطة الجديدة أن الرياح النطاقية لكوكب المشتري (التيارات النفاثة التي تجري من الشرق إلى الغرب ومن الغرب إلى الشرق، مما يمنح كوكب المشتري مظهره المميز) تعمل على تفكيك البقعة الزرقاء العظيمة، وهذا يعني أن رياح النطاقية المقاسة على سطح الكوكب تصل إلى باطن الكوكب.

وتسمح تلك الخريطة الجديدة أيضا لعلماء جونو بإجراء مقارنات مع المجال المغناطيسي للأرض، وتشير البيانات إلى أن تأثير الدينامو (الآلية التي يولّد بها جسم سماوي مجالا مغناطيسيا) في باطن المشتري تحدث في الهيدروجين المعدني أسفل طبقة من “هيليوم”، وقد تكشف البيانات التي تجمعها جونو خلال مهمتها الممتدة أسرار تأثير الدينامو، ليس فقط على كوكب المشتري ولكن أيضا في الكواكب الأخرى، بما في ذلك الأرض.

مقارنة بين أعاصير محيطات الأرض وأعاصير المشترى (ناسا)

موجات جونو

تقيس أداة الموجات موجات الراديو والبلازما في الغلاف المغناطيسي لكوكب المشتري، مما يساعدنا على فهم التفاعلات بين المجال المغناطيسي للكوكب والغلاف الجوي والغلاف المغناطيسي له، وتولي الأمواج أيضا اهتماما خاصا بالنشاط المرتبط بالشفق القطبي.

والغلاف المغناطيسي لكوكب المشتري هو فقاعة هائلة نتجت عن المجال المغناطيسي للكوكب تحبس البلازما، وهي غاز مشحون كهربائيا، ويؤدي النشاط داخل هذه البلازما التي تملأ الغلاف المغناطيسي إلى إطلاق موجات لا تستطيع اكتشافها إلا أداة مثل أداة موجات جونو.

ولأن البلازما توصل الكهرباء فإنها تتصرف كدائرة كهربائية عملاقة وتربط منطقة بأخرى، وبالتالي يمكن الشعور بالنشاط على أحد طرفي الغلاف المغناطيسي في مكان آخر، مما يسمح لجونو بمراقبة العمليات التي تحدث في هذه المنطقة العملاقة بأكملها من الفضاء حول كوكب المشتري، حيث تتحرك موجات الراديو والبلازما عبر الفضاء حول كل من العملاق والكواكب الخارجية، وقد تم تجهيز البعثات السابقة بأدوات مماثلة.

وتتكون أداة موجات جونو من جهازي استشعار يكتشف أحدهما المكون الكهربائي لموجات الراديو والبلازما، فيما الآخر حساس للمكون المغناطيسي لموجات البلازما، ويسمى أول جهاز استشعار بهوائي ثنائي القطب الكهربائي، وهو هوائي على شكل حرف “في” (V)، ويبلغ طوله 4 أمتار، على غرار هوائيات أذن الأرنب التي كانت شائعة في أجهزة التلفزيون.

ويتكون الهوائي المغناطيسي -الذي يسمى ملف البحث المغناطيسي- من لفائف من الأسلاك الدقيقة ملفوفة 10 آلاف مرة حول قلب طوله 15 سنتيمترا، ويقيس ملف البحث التقلبات المغناطيسية في نطاق تردد الصوت.

وسوف تسمح لنا مركبة جونو باتخاذ خطوة عملاقة إلى الأمام في فهمنا كيفية تشكل الكواكب العملاقة والدور الذي لعبه هؤلاء العمالقة في تجميع بقية النظام الشمسي.

المصدر: ناسا ـ التأمل

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: