ماذا يمكن للعالم أن يتعلم من الشعب الياباني؟

حول الخبر: من بين الدروس المستفادة من التجربة اليابانية القدرة على التعايش مع المخاطر، والتعافي من الصدمات في ظل التحديات المناخية وانتشار الكوارث الطبيعية.
شعب اليابان يتمتع بأكبر متوسط أعمار في العالم (غيتي)
شعب اليابان يتمتع بأكبر متوسط أعمار في العالم (غيتي)

نشر في: السبت,25 ديسمبر , 2021 9:44ص

آخر تحديث: السبت,25 ديسمبر , 2021 9:44ص

غالبا ما يُنظر إلى اليابان من زاويتين مختلفتين، الأولى أن شعبها يعاني التهرّم (طاعن في السن) في ظل تقلص عدد السكان وارتفاع معدل الشيخوخة، والثانية أنه مجتمع حركي ونشيط مثير للإعجاب وغريب الأطوار في الوقت ذاته.

في تقرير لها، تقول مجلة “إيكونوميست” (economist) البريطانية إن هناك الكثير من الدروس التي يمكن للعالم أن يتعلمها من الشعب الياباني، لا سيما طريقة تعامله مع التجارب المؤلمة السابقة، ونجاحه في مجابهة التحديات الراهنة، وأبرزها تسارع وتيرة الشيخوخة والركود الاقتصادي والكوارث الطبيعية.

ومن بين الدروس المستفادة من التجربة اليابانية -وفقا للمجلة- القدرة على التعايش مع المخاطر والتعافي من الصدمات، في ظل التحديات المناخية وانتشار الكوارث الطبيعية في البلاد.

“المرونة” في إدارة الكوارث

وترى إيكونوميست أن التجارب المؤلمة التي مرّت بها اليابان جعلتها تتمتع بـ “المرونة” في إدارة الكوارث، من خلال إعادة تأهيل الجسور والمباني وجعلها مقاومة للزلازل. على سبيل المثال، قامت مدينة كوبي ببناء نظام تحت الأرض لتخزين إمدادات المياه اللازمة للسكان بعد الزلزال الكبير الذي ضربها عام 1995، وانقطاع المياه عن الكثير من المناطق المتضررة.

كبار السن اليابانيون old, elderly, senior Senior Jogging Club.

الحكومة اليابانية تحث الشركات على إبقاء الموظفين بعملهم حتى سن 70 عاما (غيتي)

أهمية دراسة الديموغرافيا

والدرس الآخر الذي تقدمه اليابان هو أهمية دراسة الديموغرافيا، وخاصة مشكلة التهرّم التي أصبحت تعاني منها عديد الدول. بحلول 2050، سيكون واحد من كل 6 أشخاص في العالم أكبر من 65 عامًا، مقارنة بواحد من كل 11 شخصا عام 2019.

ومن المتوقع أن ينخفض عدد سكان 55 دولة في مختلف أنحاء العالم -من بينها الصين- من الآن حتى 2050. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان الهند سيتقلص قبل ذلك التاريخ.

العمل حتى سن 70 عامًا

ووفقا للمجلة، يتطلب التعامل مع هذه المشكلة تحولا جذريا في سياسات الحكومات وسلوك الأفراد، وهو ما تحاول اليابان القيام به، حيث تحث الحكومة الشركات على إبقاء الموظفين في عملهم حتى سن 70 عاما. وفي الوقت الراهن، يبقى 33% من الموظفين في وظائفهم بين عمر 70 و74 عامًا، مقارنة بـ 23% قبل عقد من الزمان.

كبار السن اليابانيون old, elderly, senior Legendary surfer spills away from everyday and plays with the sea

الشعب الياباني يتمتع بدرجة من الرفاهية تغنيه عن الضغط من أجل غد أفضل (غيتي)

المحافظة على رفاهية مواطنيها

ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة بسبب التهرم السكاني، ما تزال اليابان تحافظ على رفاهية مواطنيها. وقد سجلت البلاد بين 2010 و2019 ثالث أعلى متوسط لنمو الناتج المحلي الإجمالي للفرد ضمن مجموعة الدول الصناعية السبع، بعد ألمانيا والولايات المتحدة.

أكبر متوسط أعمار

وتعتبر اليابان من أكبر الدول الدائنة، وثالث أكبر اقتصاد بأسعار الصرف الحالية، ويتمتع شعبها بأكبر متوسط أعمار في العالم، وهي موطن لأكبر الشركات التكنولوجية، ورائدة في تكنولوجيا الجيل الخامس، وحاضنة علامات تجارية عالمية من “يونيكلو” و”نينتندو” وتساعد خبرتها في مجال الروبوتات وأجهزة الاستشعار شركاتها على جني الكثير من الأموال من التقنيات الصناعية الحديثة.

نقائص التجربة

وتضيف إيكونوميست أن أخطاء اليابان تمثل بدورها دروسا للدول الأخرى، ومنها عدم الاهتمام بالشكل الكافي بتحديات التغير المناخي، والذي يعد أكبر كارثة تواجهها الإنسانية حاليًا. عام 2020، تعهدت طوكيو بالوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول 2050، لكن تفاصيل خطتها لتحقيق هذا الهدف بدت غير واضحة المعالم.

وترى المجلة أن التعامل مع معضلة تقلص عدد السكان يحرم البلاد من استغلال طاقاتها الشابة، ففي ظل اعتماد نظام الترقية المهنية القائم على الأقدمية بالشركات التقليدية، والاحترام المفرط للموظفين المسنين، تُسكِت اليابان صوت الشباب وتخنق الابتكار، وهو ما يدفع العديد من الخريجين الجدد لتفضيل العمل بالشركات الناشئة.

نظام العمل باليابان يحبس النساء بوظائف غير مستقرة مما يجعلهن أقل حرصًا على الإنجاب (بيكسلز)

وترى إيكونوميست أنه بالرغم من الجهود اليابانية لمزيد إشراك للمرأة ضمن القوى العاملة السنوات الأخيرة، لا تزال الفرص أمامها محدودة للارتقاء في ظل نظام العمل الذي يضطهد الشباب والنساء، ويحبسهن في وظائف غير مستقرة بدوام جزئي، ويجعلهن أقل حرصًا على إنجاب الأطفال.

خطر التراجع

وتختم المجلة بأن النظام السياسي لا يتعرض للضغط الكافي من المعارضة لإحداث التغيير المطلوب، حيث يحكم الحزب الليبرالي الديمقراطي البلاد منذ 1955، في غياب معارضة قوية، وكبار الشخصيات السياسية يقاومون موجة التغيير، في حين يتمتع الشعب بدرجة من الرفاهية تغنيه عن الضغط من أجل غد أفضل. من هنا يأتي الدرس الأخير من التجربة اليابانية، وهو خطر التراجع إلى الوراء.

المصدر: إيكونوميست ـ التأمل

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: