أعربت وزارة الخارجية العُمانية في بيان لها عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية.
ودعت الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنّب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار والتعاون القائم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
جاء ذلك بعدما قامت الإمارات والكويت والبحرين والسعودية سحب سفرائها في بيروت وأمهلت سفراء لبنان 48 ساعة لمغادرة البلاد.
#بيان | تعرب وزارة الخارجية عن أسفها العميق لتأزم العلاقات بين عدد من الدول العربية والجمهورية اللبنانية، وتدعو الجميع إلى ضبط النفس والعمل على تجنب التصعيد ومعالجة الخلافات عبر الحوار والتفاهم بما يحفظ للدول وشعوبها الشقيقة مصالحها العليا في الأمن والاستقرار pic.twitter.com/xz1c6hfKNx
— وزارة الخارجية (@FMofOman) October 30, 2021
فيما أعلنت قطر استنكارها لتصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، حول الحرب في اليمن، التي اعتبرتها السعودية والإمارات “مسيئة”.
تزايد الضغوط لاستقالة قرداحي.. الكويت تنضم للسعودية والبحرين بطلب مغادرة السفير اللبناني والإمارات تسحب دبلوماسييها
وعلى خلفية تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن، السعودية تقرر سحب سفيرها من بيروت وطرد السفير اللبناني لديها، ووقف كل الواردات اللبنانية إليها.
واعتبر جورج قرداحي في مقابلة تلفزيونية بثت الاثنين وأجريت قبل توليه حقيبة الإعلام في الحكومة اللبنانية في سبتمبر، أنّ الحوثيين المدعومين من إيران “يدافعون عن أنفسهم.. في وجه اعتداء خارجي” من السعودية والإمارات.
وقال قرداحي في برنامج “برلمان الشعب” الذي يذاع على موقع “يوتيوب” في إشارة الى الحوثيين، “منازلهم وقراهم وجنازاتهم وأفراحهم تتعرض للقصف بالطائرات” التابعة للتحالف الذي تقوده السعودية.

واعتبرت الخارجية السعودية الاربعاء هذه التصريحات “تحيزاً واضحاً لميليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة”.
واعربت الحكومة اللبنانية في بيان الاربعاء عن “رفضها” تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنه “لا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا”.
لكنّ قرداحي رفض الأربعاء الفائت “الاعتذار” عن “آرائه الشخصية”. وقال “أنا لم أخطئ في حق أحد.
تفاعلات في لبنان
وفي الجانب اللبناني، جدد رئيس الجمهورية ميشال عون التعبير عن حرصه على إقامة أفضل العلاقات مع السعودية وترسيخها من خلال توقيع الاتفاقات الثنائية.
وشدد عون -اليوم السبت في بيان- على تجنب تأثيرات “المواقف والآراء التي تصدر عن البعض”، وألا تسبب أزمة بين لبنان والسعودية، لا سيما أن مثل هذا الأمر حدث أكثر من مرة، وفق تعبيره.
واستنكر الرؤساء السابقون لحكومات لبنانية؛ سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام، ما وصفوها بالمواقف الخارجة عن الأصول العربية لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي.
ورأوا -في بيان- أن هذه التصريحات تشكل ضربة قاصمة للعلاقات والمصالح التي تربط لبنان بالدول العربية عامة ودول الخليج خاصة، لاسيما السعودية.
وطالب البيان قرداحي بالاستقالة من الحكومة، مؤكدين أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل الانتكاسات المتوالية نتيجة انضمامه إلى المحور الإيراني.
وفي السياق ذاته، قال بيان صادر من رئاسة الحكومة اللبنانية أمس الجمعة إن “رئيس الوزراء نجيب ميقاتي طلب من وزير الإعلام جورج قرداحي في اتصال تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية”.
وعبر ميقاتي عن أسفه لقرار السعودية سحب سفيرها في بيروت وطلبها مغادرة السفير اللبناني، معبرا عن أمله أن تعيد الرياض النظر فيه، وشدد على رفضه الشديد كل ما يسيء للعلاقات الأخوية مع السعودية.
وناشد القادةَ العرب العمل والمساعدة على تجاوز هذه الأزمة من أجل الحفاظ على التماسك العربي.
اجتماع أزمة وحضور أميركي
وعقدت مجموعة من الوزراء اللبنانيين اجتماع أزمة اليوم السبت لمناقشة الخلاف الدبلوماسي المتصاعد مع السعودية.
وقال متحدث باسم السفارة الأميركية في بيروت إن ريتشارد مايكلز نائب رئيس البعثة الأميركية في لبنان حضر الاجتماع، وامتنع عن ذكر المزيد من التفاصيل.
في المقابل، عبر رئيس تيار المردة سليمان فرنجية عن دعمه لأي قرار يتخذه الوزير قرداحي، وقال إن وزير الإعلام اللبناني عرض عليه تقديم استقالته لكنه رفض ذلك.
دعوة لرأب الصدع
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن بالغ قلقه وأسفه للتدهور السريع في العلاقات اللبنانية الخليجية، مناشدا دول الخليج إعادة النظر في إجراءاتها لتفادي التأثيرات السلبية على الاقتصاد اللبناني.
وصرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة بأن الأزمة التي تسببت فيها تصريحات سابقة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي وما تلاها من أحداث ومواقف كان يتعين أن تعالج لبنانيا بشكل ينزع فتيلها ولا يذكي نارها على نحو ما حدث.
وأضاف المصدر أن تلك التصريحات والمواقف أوصلت الأمور إلى انتكاسة كبيرة في علاقات لبنان بمحيطه العربي عموما والخليجي خصوصا.
وأكد أن الأمين العام لديه ثقة في حكمة وقدرة الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي على السعي السريع من أجل اتخاذ الخطوات الضرورية التي يمكن أن تضع حدا لتدهور تلك العلاقات، وتسهم في تهدئة الأجواء، خاصة مع السعودية، ورأب الصدع الذي تسببت فيه “مواقف لأطراف ترغب ولديها مصلحة في تفكيك عرى الأخوة التي تربط لبنان وشعبه العربي بأشقائه في دول الخليج والدول العربية”.
كما ناشد الأمين العام المسؤولين في دول الخليج تدبر الإجراءات المطروح اتخاذها في خضم ذلك الموقف؛ بما يتفادى المزيد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد اللبناني المنهار والمواطن الذي يعيش أوضاعا غاية في الصعوبة.
تصريحات قرداحي
واحتجت كل من السعودية والبحرين والإمارات على التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني بشأن الحرب في اليمن.
ووصف قرداحي الحرب في اليمن “بالعبثية”، وقال إنها يجب أن تتوقف، ورأى أن ما يفعله الحوثيون دفاع عن النفس، وذلك في تصريحات أدلى بها ضمن حلقة من برنامج “برلمان شعب” بُثت الاثنين الماضي.
وفي أعقاب الجدل الذي أثارته تصريحاته، قال قرداحي إنه لا يجوز أن يملي أحد على اللبنانيين ما يجب القيام به بخصوص بقاء وزير في الحكومة من عدمه، مضيفا أنه جزء من حكومة متكاملة ولا يمكنه اتخاذ قرار الاستقالة من تلقاء نفسه.
وأشار قرداحي إلى أن مقابلته التي أثارت الجدل تم تصويرها في الخامس من أغسطس/آب الماضي، قبل تعيينه وزيرا بأسابيع، مؤكدا أن مواقفه في تلك المقابلة تجاه سوريا وفلسطين والخليج هي آراء شخصية، لا تلزم الحكومة.
وقال إنني لم أقصد “ولا بأي شكل من الأشكال الإساءة إلى المملكة العربية السعودية أو الإمارات اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء”.