متى هاجر البشر الأوائل من أفريقيا إلى جزيرة العرب؟

حول الخبر: الدراسة لا تعطي توثيقا لمواعيد الهجرات إلى جزيرة العرب، وإنما تفتح بابا علميا لتأييد حدوثها في مراحل متنوعة خلال 300 ألف سنة مضت.
الجزيرة العربية
هجرات البشر الأولى من أفريقيا إلى الجزيرة العربية حدثت في أوقات مختلفة (شترستوك)

نشر في: الثلاثاء,31 أغسطس , 2021 11:01م

آخر تحديث: السبت,26 مارس , 2022 9:55م

كشف فريق بحثي من جامعة كامبردج الإنجليزية أن هجرات البشر الأولى من قارة أفريقيا إلى الجزيرة العربية ربما تكون قد حدثت في وقت أبكر بكثير من ظنون العلماء السابقة بشأنها، الأمر الذي يمكن أن يغير من فهمنا للتاريخ القديم للبشر.

وحسب الدراسة التي نشرت في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications) يوم 24 أغسطس/آب الجاري، فإن هذا الافتراض السابق يعتمد بالفعل على بيانات تحليل الميتوكوندريا والجينوم الكامل والظروف البيئية والمناخية، التي أشارت إلى أن خط سير العائلات البشرية يقضي بهجرة رئيسية جاءت من أفريقيا -موطن نشأة الانسان العاقل (هومو سابين)- إلى الجزيرة العربية، قبل نحو 50-60 ألف سنة مضت.

لكن على الرغم من ذلك، فإن هناك دلائل تشير إلى وجود البشر في الجزيرة العربية قبل نحو 85 ألف سنة؛ وفي الواقع لقد سبب هذا الكشف ضجة عالمية في عام 2018، بعد أن نشرت الدراسة في دورية “نيتشر إيكولوجي آند ايفوليوشن” (Nature Ecology & Evolution).

هناك دلائل تشير إلى وجود البشر في الجزيرة العربية قبل نحو 85 ألف سنة (ناسا)
هناك دلائل تشير إلى وجود البشر في الجزيرة العربية قبل نحو 85 ألف سنة (ناسا)

من جانب آخر، كانت هناك اكتشافات أخرى في مناطق متعددة تشير إلى وجود مبكر للبشر في مناطق قريبة، ففي فلسطين مثلا وجدت حفريات للبشر الأوائل عمرها لا يقل عن 100 ألف وربما كان 194 ألف عام، وفي اليونان وجدت حفريات عمرها نحو 210 آلاف عام، وفي الصين وجدت حفريات عمرها على الأقل 80 ألف سنة!

في هذا السياق، افترض باحثو جامعة كامبردج أن هناك هجرات أخرى إلى الجزيرة العربية حدثت قبل هذه الهجرة الكبرى، وللتوصل إلى مواعيدها المحتملة استخدموا بيانات متنوعة من علم الجغرافيا القديمة لهذه المنطقة، وكذلك التنبؤات بماضي المناخ، والمعلومات الأنثربولوجية والبيئية التي حصل عليها علماء الآثار.

من باب المندب إلى سيناء

كانت العقبة الأولى التي واجهت هذا الفريق هي تحديد خط سير تلك الرحلات، فهناك طريقان محتملان، إما الصعود شمالا إلى مصر، ثم المرور من شبه جزيرة سيناء، ثم الولوج إلى جزيرة العرب، وهو الطريق البري الوحيد، أو بحرا عبر مضيق باب المندب.

وعلى الرغم من أن الجغرافيا تشير إلى أن الرحلات عبر باب المندب كانت ممكنة بقوارب غير متطورة، لكن الدلائل الجينية ترجح الهجرة إلى الشمال، كذلك فإن هذه المنطقة من قارة أفريقيا لم تحتو، إلى الآن، على آثار وجود قوارب أو رحلات بحرية، على مدى تاريخها.

الدراسات رجحت هجرة البشر من أفريقيا إلى الجزيرة العربية عبر شبه جزيرة سيناء (الجزيرة)
الدراسات رجحت هجرة البشر من أفريقيا إلى الجزيرة العربية عبر شبه جزيرة سيناء (الجزيرة)

وحسب الدراسة الجديدة، فإن الراجح هو الهجرات إلى الشمال، وفي تلك الحالة فإن التغير المناخي خلال بضع مئات من الآلاف من السنوات السابقة قد فتح الباب لهجرات ساحلية تمتد بشكل أساسي على ساحل البحر الأحمر، ثم شبه جزيرة سيناء المصرية، ثم إلى عمق الجزيرة العربية.

ومن تلك النقطة نشأت فرضية أساسية تقول إن ما يحكم هذه الهجرات بوجه رئيس كان معدلات سقوط الأمطار السنوية، فإن معدل 90 مليمترا سمح بهذه الهجرات، لأن هذا المستوى من الأمطار يسمح بأن تنمو النباتات بشكل مستمر، ومن ثم تتغذى عليها الحيوانات العاشبة، ويمكن للمهاجرين التنقل من منطقة إلى منطقة والتغذي على كليهما.

رحلات متعددة

وحسب الدراسة، فإن مراجعة البيانات المتاحة على أساس تلك الفرضية أشارت إلى أن هناك ممرات رطبة قد انفتحت على طول الطريق الشمالي عبر جزيرة سيناء ثم إلى داخل الجزيرة العربية، في الفترة بين 200 ألف و246 ألف سنة مضت، والفترة بين 90 ألفا و130 ألف سنة مضت، والفترة بين 67 ألفا و78 ألف سنة مضت.

وتتفق تلك النتائج مع الدراسات السابقة عن وجود البشر في مناطق شمالية بالعالم قبل موعد الهجرة المقترح، كذلك فإنها تتفق مع أقدم وجود نعرفه للبشر إلى الآن، وكان ذلك في منطقة جبل إيغود بالمغرب، حيث اكتشفت الحفرية عام 2017 ونشرت الدراسة بدورية “نيتشر” (Nature) أيضا.

هجرات البشر الأوائل من أفريقيا اتخذت مسارات عدة (سايكا لوبيز-ويكيبيديا)
هجرات البشر الأوائل من أفريقيا اتخذت مسارات عدة (سايكا لوبيز-ويكيبيديا)

ولكن في النهاية، فإن الدراسة لا تعطي توثيقا لمواعيد تلك الهجرات إلى جزيرة العرب، وإنما تفتح بابا علميا لتأييد حدوثها في فترات متنوعة خلال 300 ألف سنة مضت، وتبقى هذه المنطقة من العالم -نقصد جزيرة العرب- كنزا يستحق الدراسة في المستقبل، للكشف عن أسرار تاريخ العالم القديم.

المصدر: مواقع إلكترونية

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: