لمواجهة كورونا.. تكنولوجيا رخيصة لتوليد الأكسجين من الهواء

حول الخبر: إن الوصول إلى الأكسجين المخصص للعلاج الطبي عملية معقّدة ومكلفة ومحفوفة أحيانًا بالمخاطر.
غرف العمليات | أرشيف التأمل
غرف العمليات | أرشيف التأمل

نشر في: الأربعاء,2 يونيو , 2021 8:16ص

آخر تحديث: الأربعاء,2 يونيو , 2021 8:16ص

ذا كونفرسيشن ـ التأمل

لطالما اعتبر العالم الأكسجين حقا من حقوق الإنسان؛ لكن جائحة كورونا كشفت أن الوصول إليه -في شكله النقي المعد للاستخدام الطبي- بات شكلا من أشكال الرفاهية في معظم البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

وفي تقريره الذي نشره موقع “ذا كونفرسيشن” (the conversation) الأسترالي، قال ديفيد فيرين جيمينيز، الأكاديمي والباحث في مختبر الهندسة الجزيئية والمواد المتقدمة بجامعة كامبردج:

إن الوصول إلى الأكسجين المخصص للعلاج الطبي عملية معقّدة ومكلفة ومحفوفة أحيانا بالمخاطر، وما يحدث في الهند خير دليل على ذلك، حيث ضربت الموجة الثانية من كوفيد-19 البلاد بقوة مخلّفة حصيلة قتلى تجاوزت 200 ألف، بينما تعاني البلاد من نقص كبير في إمدادات الأكسجين.

بسبب الأزمة الحالية..

تحول الهنود إلى السوق السوداء لشراء الأكسجين بأسعار مرتفعة. وتعود هذه الأزمة جزئيا إلى طريقة تصنيع وتخزين ونقل الأكسجين الطبي حول العالم. وهذا ما دفع العلماء للعمل على إيجاد بديل أقل تكلفة.

العوائق

غالبا ما يتم الحصول على الأكسجين من الهواء المسال، حيث يحول المهندسون الهواء، الذي نتنفسه، إلى سائل باستخدام مجموعة من العمليات، التي تعمل على تبريد الغازات حتى تتكاثف، ومن ثم تقطيرها لفصل عناصر الهواء، ومن بينها الأكسجين.

لكن هذه العملية تتطلب كميات هائلة من الطاقة ومنشآت صناعية ضخمة؛ لذلك تتوزع المصانع على عدد قليل من دول العالم، معظمها في شمال الكرة الأرضية. كما يجب تخزين الأكسجين السائل ونقله تحت ضغط كبير؛ مما يخلق مشاكل لوجستية خطيرة ومخاوف تتعلق بالسلامة، لأن الأكسجين مادة قابلة للانفجار.

وهذا يعني أن العائق الرئيس في عملية إنتاج الأكسجين..

يكمن في الحاويات، التي يعبأ فيها. تعتمد الولايات المتحدة على الأنابيب التي تتحمل الضغط العالي لنقل الأكسجين المضغوط، بينما تلجأ أوروبا للخزانات الكبيرة لنقل الأكسجين السائل.

أما في البلدان منخفضة الدخل..

يُوزع الأكسجين في أسطوانات يقتصر تصنيعها على عدد قليل من الشركات الكيميائية، ويتطلب التعامل معها بشكل آمن العديد من الإجراءات الاحترازية والتدريب المناسب.

وفي الواقع، تفتقر البلدان النامية إلى البنية التحتية اللازمة لإنتاج الأكسجين السائل، ونقله بشكل سهل وبتكلفة رخيصة إلى المستشفيات.

البديل

أشار الكاتب إلى طريقة أخرى لصنع الأكسجين الطبي تتمثل في استخدام أجهزة توليد الأكسجين، التي تعمل على إزالة النيتروجين -وهو الغاز الذي يشكل 78% من الغلاف الجوي- باستخدام سلسلة من الأغشية والمواد المسامية والمرشحات، وهي تقنية مدروسة بدأ العمل بها في منتصف السبعينيات.

تعمل هذه الأجهزة على زيادة تركيز الأكسجين في الهواء بنسبة تزيد عن 95%. وتكمن فائدة هذه الأجهزة في أن من الممكن إنتاجها بحجم صغير ليسهل استخدامها في المستشفيات أو دور الرعاية، وهي متاحة تجاريا الآن؛ لكنها باهظة الثمن، ويصعب تصنيعها في البلدان النامية.

ذكر الكاتب..

أن فريقه يدرس أنواعا جديدة من المواد، التي تخزن الغازات وتفصل أجزاءها بدون تكلفة باهظة، وتشمل دراساتهم تطوير نوعين رئيسين من المواد المسامية، وهي الزيوليت (بلورات من السيليكون والألمنيوم والأكسجين) والأطر الفلزية العضوية.

تخزن هذه المواد المسامية كمية كبيرة من السوائل تماما مثل الإسفنج. وعلى الرغم من أن المسامات داخل الزيوليت والأطر الفلزية العضوية قد تبدو صغيرة؛ إلا أن مساحة سطحها الإجمالية ضخمة. فالمساحة القياسية لغرام واحد من الأطر الفلزية العضوية تزيد عن 7 آلاف متر مربع، وقد تم استغلال المادتين مسبقا في تخزين الغاز وتنقيته واحتجاز الكربون والحصاد المائي.

بالشراكة مع شركة “كامبردج بريسيجين” (Cambridge Precision) للهندسة وشبكة “سنتر فور غلوبال إكوالتي” (Centre for Global Equality)، شرع بعض أعضاء فريق جيمينيز في البحث في قابلية استخدام المادتين في تخزين الأكسجين، ونجحوا في تطوير نموذج أولي. والآن يأملون أن يطوروا نموذجا نهائيا في غضون شهرين، لبدء السعي في الحصول على الموافقة لاستخدامه لأغراض طبية.

آلية العمل

أوضح الكاتب أن مشروع فريقه يعتمد على تدفق تيار من الهواء عبر أسطوانة ألمنيوم مليئة بالمواد المسامية؛ مما ينقي الأكسجين بنسبة تصل إلى 95%، مع تشكيل الأرغون النسبة المتبقية.

بسبب الطريقة التي تتوزع بها الشحنات الكهربائية في ذراته، يُحتجز النيتروجين في الزيوليت؛ أي إن النيتروجين يتفاعل بقوة أكبر مع المجال الكهربائي للزيوليت على عكس الأكسجين وغاز الأرغون. لذلك يبقى النيتروجين محاصرا داخل ملايين المسامات الصغيرة، ثم يتم تفريغه بعد تخزين الأكسجين.

عادة ما يقوم الفريق بتسويق المواد المسامية من خلال شركة “إماتيريال” (immaterial) التابعة لجامعة كامبردج. مع ذلك، يعد تحقيق أرباح ضخمة من بيع الأكسجين في خضم جائحة عالمية خطوة غير أخلاقية.

ففي أفريقيا، على سبيل المثال..

يعد الأكسجين أغلى 5 مرات مقارنة بالأسعار في أوروبا والولايات المتحدة؛ لذلك تعاون فريق جيمينيز مع شركة “إماتيريال” وعلماء آخرين في كامبردج لإنشاء مبادرة لتصنيع وتطوير أجهزة توليد الأكسجين و”أجهزة تنفس اصطناعي” (OVSI)، بهدف تطوير وتصنيع الأكسجين الطبي بأسعار معقولة.

وذكر الكاتب..

أنه يتطلع إلى أن تبقى أجهزة توليد الأكسجين رخيصة الثمن بعد انتهاء الجائحة؛ لأن إمدادات الأكسجين أساسية لعلاج الالتهاب الرئوي في مرحلة الطفولة والأمراض الرئوية المزمنة، وكلاهما من الأمراض التي تقتل أعدادا كبيرة من الأشخاص، حيث إنها تفوق الوفيات الناتجة عن أمراض مثل الإيدز أو الملاريا.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: