فوسيلي سيد الظلال والضوء.. كيف تحول من كاهن إلى رسام رومانسي يكره الألوان والطبيعة!

حول الخبر: فوسيلي، هو رسام بريطاني من أصل ألماني سويسري
أرشيفية
أرشيفية

نشر في: الإثنين,31 مايو , 2021 8:32ص

آخر تحديث: الإثنين,31 مايو , 2021 8:32ص

وكالات ـ التأمل

على الرغم من دخوله عالم الفن في سن متأخرة نسبيا؛ استطاع الرسام البريطاني هنري فوسيلي ترك بصمته الخاصة التي لا يزال وهجها ممتدا إلى يومنا هذا.

وفوسيلي، هو رسام بريطاني من أصل ألماني سويسري، ويعرف بالألمانية باسم يوهان هنريش فوسيلي. ولد في سويسرا في السابع من فبراير/شباط 1741 ضمن عائلة مكونة من 18 طفلا، وكان والده يرسم البورتريهات والمناظر الطبيعية.

من اللاهوت إلى الفن

درس فوسيلي بداية اللاهوت في الكنيسة كي يصبح كاهنا، ثم تعلم الفن التقليدي الكلاسيكي بكلية كارولين في زيورخ.

في عام 1761 ساعد فوسيلي صديقه المقرب يوهان لافاتير في فضح أحد القضاة الفاسدين، لتقوم عائلة الأخير بالسعي من أجل الثأر منه، وهو ما اضطره لمغادرة البلاد.

جاب فوسيلي الهارب أنحاء ألمانيا، وبعد 4 سنوات زار إنجلترا، وتعرف فيها إلى جوشوا رينولدز أحد أبرز رسامي القرن الـ18، فأخذ بنصائحه وكرس نفسه للرسم. وتحت تأثير أسلوب ورسومات رولاندسون، أنجز بعض الأعمال الكاريكاتيرية السياسية الساخرة والتي كانت في كثير من الأحيان حسية أكثر من كونها رسومات بذيئة.

وفي عام 1770 سافر فوسيلي إلى إيطاليا لمتابعة دراسته للفن، وبعد عدة سنوات غيّر اسمه من “فاسلي” (Füssli) إلى “فوسيلي” (Fuseli) لأن اللفظة الأخيرة كانت أكثر إيطالية، وبعد 9 سنوات عاد لإنجلترا ونشر طبعة باللغة الإنجليزية لعمل لافاتير في علم الفراسة.

كان فوسيلي منجذبًا إلى الموضوعات الأدبية والمسرحية..

فأبدع في رسم عدد من اللوحات الشهيرة بمعرض ويليم شكسبير لجون بويدل (1786–1789)، وكان له تأثير ملحوظ على أسلوب معاصره الأصغر ويليام بليك.

تزوج فوسيلي صوفيا روللينو إحدى النساء اللواتي رسمهن، ليلتحق فيما بعد بالمعهد الملكي ويتلقى تعليما أكاديميا.

وفي عام 1788، تم انتخاب فوسيلي زميلا في الأكاديمية الملكية، وأصبح أكاديميا كاملا بعد ذلك بعامين، وقضى عددا من السنوات أستاذا للرسم فيها.

لوحة ليدي ماكبث “الاستيلاء على الخناجر” للرسام هنري فوسيلي

الرومانسية في أعمال فوسيلي

سادت الرومانسية -بمصطلحها الفضفاض- بين عامي 1760 و1870، وشملت التغييرات التي جاءت كردة فعل على الكلاسيكية الجديدة، لتعبر عن الانفعالات الذاتية الخاصة، حيث جاءت تأكيدا على الشخصية والذاتية واللاعقلانية والخيالية والعفوية وحتى العاطفية، لتنقض المثل الكلاسيكي المشهور بأن الكمال يجب أن يتحقق في الفن، وتطالب بطرح مفاده أن العاطفة هي مصدر الإبداع ومنبع الفن.

وفي أواخر الستينيات والسبعينيات بدأ عدد من الرسامين البريطانيين في روما بالخروج عن حدود التعاليم الأكاديمية، وقاموا بتأثير متبادل وانتقائي للغاية، وكان على رأسهم فوسيلي، الذي اهتم بالموضوعات الأدبية والتاريخية والخيالية، واستطاع عبر رسوماته نقل التوترات الخطية للأسلوب الإيطالي مع تباينات جريئة للضوء والظل على الرغم من عدم وجوده في روما.

اشتهر فوسيلي بلوحاته ورسوماته للشخصيات التي يسود عليها التوتر والعاطفة الشديدة. وكان لديه أيضا ميل لاختراع التخيلات المروعة، مثل تلك الموجودة في أحد أهم أعماله؛ الكابوس (1781)، حيث أصدر من هذا العمل 3 نسخ أخرى بعد أن لاقى إعجابا وحفاوة شديدة في المعرض السنوي للأكاديمية الملكية للفنون.

إن ارتباطات فوسيلي مع الكتاب الرومانسيين الألمان هيأته ليميل باتجاه القصص البطولية “البدائية ” لهوميروس ودانتي ويقدم مساعدة قيمة لويليام كوبر في إعداد ترجمة لهوميروس، كما اتضح رفضه لمنظور عصر النهضة من خلال أسلوبه الخطي الثنائي الأبعاد.

وقد عُرف فوسيلي بسيد الظلال والضوء؛ ويعود ذلك لندرة لوحاته الملونة وجرأته في استخدام تقنيات اللون والتصاوير الناتجة عن فعل المصادفة.

ولم يركز فوسيلي على رسم الشخصيات الواقعية؛ بل ارتكزت أعماله على دراسة الآثار وأسلوب مايكل أنجلو، كذلك لم ينجز سوى لوحتين للمشاهد الطبيعية، إذ كان صاحب مقولة “لطالما أقصتني الطبيعة الملعونة”.

رسم فوسيلي أكثر من 200 لوحة، لكنه لم يعرض سوى عدد قليل منها، في حين فاقت تصاويره وتصاميمه الـ800، إلا أنّ العامل المشترك بينها كان المبالغة في رسم أجزاء الجسم البشري.

لوحة حلم الراعي من “الفردوس المفقود”

التحول إلى الكتابة والوفاة

في عام 1788 شرع فوسيلي بكتابة المقالات والمراجعات الفنية والأدبية والسياسية، مستفيدا من إتقانه 4 لغات، الفرنسية والإيطالية والإنجليزية والألمانية، واستطاع الكتابة بهذه اللغات جميعها بسلاسة وحيوية.

ومن أبرز طلابه جون كونستابل، بينيامين هايدون، ويليام إتي، إيدوين لاندسير، ويليام بلايك، كما تأثر عدد من من الفنانين الإنجليز بطريقته.

توفي فوسيلي عام 1825 بمنزل الكونتيسة غيلدفورد في بونتي هيل، ودفن بسرداب كاتدرائية القديس بول.

شارك الآخرين:

إرسال
شارك
غرّد

اختيار المحرر.. فيديوهات قد تعجبك

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: