مع تقدمنا في العمر، يطرأ على أجسامنا العديد من التغيرات، ومن أبرزها ما يتعلق بأنماط النوم ومدته. لعلّك لاحظت أن كبار السن في محيطك يميلون إلى الاستيقاظ باكرًا جدًا، لدرجة تثير التساؤل حول كيفية تعاملهم مع هذا الأمر. يكمن السبب في مجموعة من الآليات الداخلية، بما في ذلك التغيرات في الساعة البيولوجية ومستويات الهرمونات المصاحبة للتقدم في السن.
لماذا يستيقظ كبار السن مبكرًا؟
توصي المؤسسة الوطنية للنوم بأن يحصل البالغون على سبع ساعات أو أكثر من النوم كل ليلة. ومع ذلك، مع التقدم في العمر، يميل متوسط مدة نوم الشخص إلى الانخفاض بنحو 30 دقيقة كل عشر سنوات بعد منتصف العمر.
تتغير الساعة البيولوجية لدينا تدريجيًا مع تقدم العمر، مما يعني أن الجسم يبدأ بالشعور بالنعاس مبكرًا في المساء ويستيقظ مبكرًا في الصباح. تُعرف هذه الظاهرة بـ “مرحلة النوم المتقدمة”. كما يصبح الإيقاع اليومي، الذي يحكم دورة نومنا واستيقاظنا على مدار 24 ساعة، أقل فعالية مع التقدم في السن.
بينما يستجيب الدماغ لدى الشباب جيدًا للإشارات البيئية مثل ضوء النهار والظلام، تتضاءل هذه الاستجابة مع التقدم في العمر. نتيجة لذلك، ينتقل الإيقاع إلى مرحلة مبكرة، مما يعني إفراز هرمون الميلاتونين مبكرًا في المساء، مسببًا النعاس، بينما يبلغ هرمون الكورتيزول، الذي يساعد على الاستيقاظ، ذروته في الصباح الباكر. هذا هو السبب في أن العديد من كبار السن يبدأون في الخلود إلى النوم والاستيقاظ في وقت مبكر. بالإضافة إلى ذلك، قد يصبح كبار السن أكثر حساسية لتغيرات الضوء أو قد يتعرضون بشكل أقل لضوء الصباح الساطع، وكلاهما يؤثر على دورة النوم والاستيقاظ.
تغيرات في بنية النوم لدى كبار السن
مع تقدم العمر، تقل مدة النوم العميق ويزداد النوم الخفيف، مما يجعل كبار السن أكثر عرضة للاستيقاظ من اضطرابات بسيطة مثل الضوضاء أو الانزعاج. كما أنهم يميلون إلى الاستيقاظ بشكل متكرر أثناء الليل، ويصبح النوم أخف وأقصر وأكثر تقطعًا مع التقدم في السن.
دور الهرمونات في الاستيقاظ مبكرًا
تلعب التغيرات الهرمونية دورًا رئيسيًا في اختلاف أنماط نوم كبار السن. يعتبر الميلاتونين أحد الهرمونات الرئيسية التي ترسل إشارة للجسم بأن وقت النوم قد حان. مع التقدم في السن، لا يُنتج الميلاتونين بكميات أقل فحسب، بل يُطلق أيضًا في وقت أبكر من المساء، مما يعزز النوم المبكر.
هرمونات أخرى، مثل الكورتيزول، تبدأ في الارتفاع في وقت مبكر من الصباح، مما قد يؤدي إلى الاستيقاظ مبكرًا. كما أن إنتاج هرمونات مثل هرمون النمو والتستوستيرون، التي تدعم النوم العميق، يتراجع مع التقدم في السن. تساهم كل هذه التحولات الهرمونية في النوم الخفيف والأقصر لدى كبار السن.
تغييرات في نمط الحياة لتحسين إدارة النوم لدى كبار السن
هناك عدة عادات بسيطة وفعالة يمكن أن تحسن نوم كبار السن:
- الحفاظ على جدول نوم ثابت: الذهاب إلى السرير والاستيقاظ في نفس الوقت يوميًا يساعد على تنظيم ساعة الجسم.
- التعرض لضوء الشمس الصباحي: يُفضل التعرض لضوء الشمس خلال الساعة الأولى من الاستيقاظ، فهو مفيد بشكل خاص.
- الحد من المنبهات ووقت الشاشة: تقليل تناول الكافيين والكحول، وتجنب استخدام الشاشات في المساء، يمكن أن يحسن جودة النوم.
- النشاط البدني: ممارسة النشاط البدني أثناء النهار يدعم النوم المريح، ولكن من الأفضل تجنب التمارين الرياضية قبل النوم بوقت قصير.
- تهيئة بيئة النوم: إنشاء غرفة نوم باردة ومظلمة وهادئة، والحفاظ على القيلولة قصيرة وفي وقت مبكر من اليوم.