لا تُجبر طفلك على الاعتذار: 5 طرق لتعليم الندم الحقيقي

حول الخبر: عندما يخطئ الطفل يجب على الآباء التأكد من أنه يفهم سبب شعور الشخص الآخر بالسوء.
عادات يجب على الأب غرسها في طفله
عادات يجب على الأب غرسها في طفله

نشر في: السبت,19 يوليو , 2025 12:18م

آخر تحديث: السبت,19 يوليو , 2025 12:18م

هل تشعرين أحيانًا بضرورة إجبار طفلك على الاعتذار عند كل خطأ؟ قد تظنين أن هذا الأسلوب يعزز الأخلاق الحميدة والمسؤولية. لكن مهلاً، ماذا لو نظرتِ إلى الأمر من زاوية أخرى؟ فالإجبار على الاعتذار قد يُعلّم الطفل إظهار تصرف لطيف خارجيًا، دون أن ينبع ذلك من إحساس داخلي بالندم أو فهم حقيقي لما فعله.

الاعتذار الإجباري: لماذا هو غير فعّال؟

نشر الكاتب توماس جيرمان مقالًا على موقع “بي بي سي” حول تجربة اجتماعية قام بها، تعمّد فيها ارتكاب أخطاء وقدم سلسلة من الاعتذارات المُعدّة مسبقًا، بعضها كُتب بواسطة الذكاء الاصطناعي.

كان الهدف من التجربة هو استكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على الاعتذار، وهو أحد أكثر صور التفاعل الإنساني حساسية. استنتج توماس أن المهام التي تتطلب تعاطفًا حقيقيًا تظل إنسانية في جوهرها، لأن الاعتذار المؤثر يتطلب مشاعر حقيقية تفتقر إليها الآلات.

وفي السياق نفسه، تؤكد جودي إيتون، أستاذة علم النفس في جامعة ويلفريد لورييه بكندا، أن الاعتذار لا يقتصر على اختيار الكلمات المناسبة، بل يشمل أيضًا تفاعلاً عاطفيًا داخليًا يُعرف بـ”الألم النفسي”. فالندم الصادق يصاحبه شعور مؤلم، وإذا لم يكن هذا الشعور حقيقيًا وملحوظًا في الاعتذار، فسيدرك الآخرون أنك لم تتعاطف معهم أو تعترف بخطئك بصدق.

وهذا بالضبط ما يجعل الاعتذار الإجباري بلا جدوى، لأنه خالٍ من المشاعر الحقيقية، ولا يحمل تعاطفًا أو ندمًا صادقًا. عندما تُجبرين طفلك على الاعتذار، فأنتِ تجعلينه يردد كلمات محفوظة، وكأنه آلة، دون أن يفهم أو يشعر بما يقول.

الأضرار النفسية المتوقعة من الاعتذار الإجباري

بحثت دراسة أجرتها جامعة ميشيغان في ما إذا كان الأطفال يُميّزون بين التعبير عن الندم الحقيقي طوعًا وبين الإكراه على ذلك، وقد وجدت الدراسة أنهم يميزون ذلك فعلاً.

أشارت نتائج الدراسة إلى أن استكشاف الآباء الطرق التي تُمكّنهم من مساعدة أطفالهم على تعلم التعاطف مع الضحية، وهو الأمر الذي يضمن تقديم الاعتذار الصادق، أكثر أهمية من إجبار الطفل على قول “أنا آسف” على مضض.

يوضح كريج سميث، مؤلف الدراسة والباحث في مركز جامعة ميشيغان للنمو والتطور البشري، أنه عندما يخطئ الطفل يجب على الآباء التأكد من أنه يفهم سبب شعور الشخص الآخر بالسوء، ثم التحدث مع الطفل واستكشاف ما إذا كان مستعدًا حقًا لقول “أنا آسف”، ثم بعدها يمكن طلب الاعتذار منه.

تؤكد الدراسة على أن إجبار الطفل على الاعتذار فقط، وقول “أنا آسف” ككلمة جاهزة معلبة، يأتي بنتائج عكسية. درس سميث وزملاؤه كيفية رؤية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 و9 سنوات لثلاثة أنواع من سيناريوهات الاعتذار بين أقرانهم، وهي: الاعتذارات العفوية، والاعتذارات المستحثة ولكنها مقدمة طوعًا، والاعتذارات الإجبارية.

وفقًا للبيانات التي جمعتها الدراسة، فقد رأى جميع الأطفال أن المخطئين يشعرون بسوء بعد الاعتذار الإجباري أكثر من ذي قبل. وأوضح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و9 سنوات أن سبب قبول تقديم الاعتذار الإجباري نابع من المصلحة الذاتية، مثل القلق من العقاب، وليس معبرًا عن الندم، بل ربما يدفع الاعتذار الإجباري المخطئ إلى الحنق أكثر على الضحية بدلًا من الشعور بها والتعاطف معها.

هكذا يتعلم طفلك الاعتذار الحقيقي

بدلًا من الضغط على طفلك للاعتذار تلقائيًا وفورًا، يمكنك مساعدته على تطوير مشاعر الندم والتعاطف طبيعيًا من خلال خطوات بسيطة تزرع بداخله فهمًا أعمق لسلوكه وتأثيره على الآخرين. إليك بعض الطرق:

1. غرس التعاطف

التعاطف هو القدرة على فهم مشاعر الآخرين والنظر إلى الموقف من وجهة نظرهم، وكأنك تضع نفسك مكانهم وتشعر بما يشعرون به. هذا الإحساس هو ما يساعد الطفل على إدراك خطئه والشعور بتأثيره السلبي في الطرف الآخر، لأنه يضعه نفسيًا في مكان الشخص المتضرر.

يمكنك تنمية هذا الجانب لدى طفلك بالحديث المستمر إليه عن مشاعره ومواقف يومه. اسأليه عن شعور صديقه في موقف معين: “كيف تعتقد أن صديقك شعر عندما أخذت لعبته؟” وإذا لم يستطع التعبير أو لم يعرف الإجابة، قدّمي له اقتراحًا: “ربما شعر بالحزن لأنه فقد لعبته فجأة، ما رأيك؟”

هذه الحوارات تساعد الطفل على بناء وعي عاطفي تدريجي، مما يجعله يعتذر بإرادته حين يخطئ، لأنه يرغب في إصلاح الخطأ، لا لأنه مضطر.

2. مساعدته على فهم مشاعره والتعبير عنها

من أهم الخطوات لتطوير التعاطف لدى الأطفال أن يكونوا على وعي بمشاعرهم وقادرين على التعبير عنها بوضوح. كثير من الأطفال يواجهون صعوبة في وصف ما يشعرون به أو يفكرون فيه، مما قد يؤدي إلى مشاعر القلق أو الحزن. عندما تمنحين طفلك الكلمات المناسبة وتعلمينه كيف يتعامل مع مشاعره بشكل صحي، يصبح أكثر قدرة على فهم الآخرين والتعاطف معهم بصدق.

3. احترام المشاعر

انتقاد مشاعر طفلك بشكل متكرر لن يساعده على النمو العاطفي، بل قد يزيد من ألمه. تجنبي قول عبارات مثل “لا تغضب”، “لا تحزن”، أو “أنت تبالغ”، فمثل هذه العبارات تجعل الطفل يشعر بأن مشاعره غير مقبولة أو غير مفهومة، مما يعزله ويزيد من شعوره بالوحدة.

في المقابل، عندما تُظهرين له التفهم والاحترام لمشاعره، فأنتِ تساعدينه على تقبل ذاته، وتعززين قدرته على التعاطف مع الآخرين وفهم مشاعرهم بنفس القدر من الاحترام.

4. إصلاح الخطأ وتعويض الضحية

التفكير في إصلاح الخطأ قد يكون أكثر أثرًا من الاكتفاء بالاعتذار. يمكنك التحدث إلى طفلك عن أهمية تصحيح ما حدث وكيفية القيام بذلك في مواقف مختلفة. اقترحي عليه أفكارًا بسيطة لكيفية تعويض الشخص المتضرر، فمجرد التفكير في خطوات الإصلاح يساعد الطفل على إدراك حجم الخطأ وتأثيره على الآخرين.

5. القدوة الحسنة

اشرحي له معنى الاعتذار الحقيقي، وأنه ليس مجرد كلمات، بل تعبير عن الندم والتعاطف. وكوني أنتِ القدوة في ذلك، فعندما تعتذرين لطفلك أو للآخرين وتبحثين عن طرق للتعويض، فإنكِ تقدمين له نموذجًا عمليًا سيتعلم منه ويبدأ في تقليده طبيعيًا.

هل تعتقدين أن تغيير أسلوب التعامل مع اعتذار الأطفال يمكن أن يحدث فرقًا حقيقيًا في تنمية شخصيتهم؟

المصدر: وكالات

قد يُعجبك أيضًا:

تابعنا: