أنشأت جامعة نزوى “كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي” لدعم البحث العلمي والابتكار في التقنيات الحديثة، وتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في تطوير التعليم العالي ضمن جهودها للإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجالات التحول الرقمي والاقتصاد المعرفي.
ويمثل الكرسي منصة بحثية متخصصة، تتبنى خطة استراتيجية متدرجة تمتد على مراحل زمنية محددة، وتُسهم في بناء قاعدة علمية ومعرفية متينة، وتعزيز حضور الجامعة في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
ويعد هذا المشروع الأول من نوعه على مستوى الجامعة، ويأتي في توقيت مثالي تتقاطع فيه عوامل استراتيجية عدّة، منها التزايد الهائل في حجم البيانات الرقمية، والتطور المستمر في قدرات الحوسبة، والطلب المتسارع على الكفاءات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي داخل سلطنة عُمان وخارجها.
وأكد الدكتور ربيع رمضان، أستاذ الكرسي، على أهمية الذكاء الاصطناعي في تشكيل مستقبل الجامعات والتعليم العالي من خلال تشكيل وجه التعليم العالي والجامعات على مستوى العالم، وهو ليس مجرد أداة تقنية إضافية، بل محرك أساس للتحول الجذري في طرق التعليم والبحث والابتكار.
ومن الناحية الأكاديمية، يسهم الذكاء الاصطناعي في إحداث نقلة نوعية شاملة بتطوير مناهج متخصصة ومتقدمة في التعلم الآلي وذكاء الأعمال والنمذجة الاقتصادية ومبادرات ريادة الأعمال؛ مما يؤهل الطلبة لسوق العمل المستقبلي الذي سيكون مدفوعاً بالتقنيات الذكية ويمكّن من دمج الذكاء الاصطناعي مع المحور الحاسوبي وأدوات التعليم التفاعلية؛ ويوجد تجربة تعليمية شاملة ومتكاملة.
وفي مجال البحث العلمي، يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة تمامًا للابتكار والاكتشاف بتطوير منهجيات بحثية مبتكرة قادرة على حل التحديات العلمية المعقدة وتسريع عمليات الاكتشاف بطرق لم تكن متاحة من قبل.
حيث إن رؤية “عُمان 2040” تضع الابتكار التقني والتحول الرقمي في أولويات اهتماماتها كونها محركات أساسية للتنويع الاقتصادي، وهذا التوجه الوطني يتطلب استثمارات جدية في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي.
كما أن هناك حاجة ملحة إلى تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي المحلية والأصيلة لمواجهة التحديات المحلية بحلول مخصصة ومصممة خصيصاً للبيئة العُمانية، بدلاً من الاعتماد على حلول مستوردة قد لا تناسب الخصوصيات المحلية.
وبالرجوع إلى أهمية كرسي جامعة نزوى وضح “رمضان”: أن إطلاق هذا الكرسي يأتي استجابة لحاجة علمية ووطنية ملحّة تتطلب وجود جهة بحثية متخصصة تعالج التحديات المحلية عبر أدوات الذكاء الاصطناعي، وتقدّم حلولًا قائمة على الأدلة تناسب خصوصية البيئة العُمانية.
وأشار إلى أن الكرسي سيُركّز على أربعة مجالات رئيسة، تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الموارد الطبيعية، والابتكارات الطبية والرعاية الصحية، وتحسين الطاقة والمعادن، إلى جانب التطبيقات المبتكرة الشاملة التي تُسهم في تطوير مشروعات قابلة للتسويق وتدعم ريادة الأعمال التقنية.
وأكد أستاذ الكرسي على أن المرحلة الأولى من المشروع ستُركّز على بناء فريق بحثي مؤهل يضم خبرات دولية وباحثين متخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة، مع إنشاء شبكة تعاون داخلي بين كليات الجامعة ومراكزها العلمية لتكامل الجهود وتطوير مناهج متقدمة في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والنمذجة الاقتصادية وذكاء الأعمال، بما يؤهل الطلبة العُمانيين للاندماج في سوق العمل المستقبلي المدفوع بالتقنيات الذكية.
كما بيّن أن هناك توجّهًا واضحًا نحو توسيع نطاق الشراكة مع المؤسسات الوطنية والخارجية، لتعزيز أثر البحث العلمي وتحقيق التكامل مع المشروعات الوطنية في مجال التحول الرقمي، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل اليوم محورًا رئيسًا في إعادة تشكيل التعليم العالي، ليس بصفته أداة تقنية فقط، بل كمحرّك جوهري لإحداث نقلة نوعية في طرق التعليم والبحث والابتكار.
ويُتوقّع أن يُسهم الكرسي في تطوير قدرات الذكاء الاصطناعي المحلية، وتعزيز الإنتاج المعرفي، ودفع عجلة الابتكار في عدد من القطاعات الحيوية، من خلال بحوث تطبيقية، ومشروعات ريادية، ومخرجات علمية تسهم في دعم منظومة التنمية المستدامة في سلطنة عُمان.