من العاصمة اللبنانية بيروت، بدأت مئات العائلات النازحة بالعودة إلى الضاحية الجنوبية وسط مشاعر متناقضة بين الفرح بالعودة، والحزن على ما خلفته الحرب من دمار.
ويعود النازحون إلى الضاحية، وقد سويت العديد من أبنيتها بالأرض، وأخرى متصدعة مهددة بالانهيار، وسط شوارع غطاها الركام، وسيارات محترقة وهياكل معدنية متناثرة، وحفر عميقة في الطرقات جراء القصف المكثف، ودمار واسع في البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء، في ظل غياب الخدمات الأساسية تماما.
ويقول أحد النازحين العائدين “أعود اليوم، وأنا أعلم أنني لن أجد منزلا، فقد ذهب جنى العمر. والغصة كبيرة، فمن كنا نقول له فداك اليوم نترحّم عليه مع الشهداء”.
أما أم علاء، التي عادت رغم الأضرار، فتقول “بيتي متضرر لكن يمكننا العودة إليه، إن شاء الله نبقى فيه، وتنذكر وما تنعاد”.
من جهته، يقول مصطفى، الذي فقد أقارب له في غارة استهدفت الضاحية مع بداية التصعيد، بحسرة “البيوت والمحلات والممتلكات كلها تتعوض، لكن الغالي من يعوضه؟”.
وعلى طول الطريق من بيروت إلى صيدا، كسرت رتابة الانتظار بسبب ازدحام قوافل العائدين، أصوات أبواق السيارات التي لم تهدأ فرحا، والعائلات التي تكدست بداخلها تلوح بالأيادي تحية، ورفعت شارة النصر إلى جانب الأعلام اللبنانية وأعلام حركة أمل وحزب الله.
وشهد مدخل عاصمة الجنوب صيدا حركة كثيفة، وسهل الجيش مرور السيارات والحافلات على حواجزه، وانتشرت الفرق الإسعافية والطبية على الطرقات تحسبا لأي طارئ، في حين كانت مراكز الإيواء تشهد وداعا مؤثرا بين النازحين أنفسهم وقد تلاقوا من بلدات مختلفة، وبينهم وبين المستضيفين.
ورغم برودة الطقس الماطر، كان وصول النازحين إلى بلداتهم دافئا، بعضهم قبّل الأرض، والبعض الآخر سجد شكرا، والبعض اعتبره “يوم نصر للمقاومة الإسلامية ويوم ذل وخزي للعدو”.
ثمة إجماع بين النازحين الذين علقوا على عودتهم إلى مساكنهم على التأكيد أن “ما يهم لا البيوت ولا الأحجار.. أهم شيء بقاء المقاومة”.