بين أشجار الزيتون على تلة في بلدة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، يعمل مصنع شات كولا على تلبية الطلب المتزايد عليه مع تحول الفلسطينيين لشراء منتجاتهم المحلية منذ اندلاع الحرب في غزة.
وتقدم شات كولا التي تشبه عبوتها في تصميمها علبة كوكا كولا الحمراء والبيضاء نفسها بصفتها البديل المحلي لمنتجات الشركات التي يتجه السكان لمقاطعتها بصفتها داعمة لإسرائيل.
يقول مالك المصنع فهد عرار “لقد زاد الطلب عليها [شات كولا] منذ بداية الحرب بسبب المقاطعة”.
ويقول جوليان، وهو صاحب مطعم في رام الله، إنه خزن في ثلاجته التي تحمل علامة كوكا كولا التجارية علب شات كولا “منذ بداية الحرب، دعما للمقاطعة”.
وبالمثل، يقول محمود سدر، مدير أحد المتاجر الكبرى في رام الله، إن المتجر يسجل زيادة في مبيعات المنتجات المحلية. ويوضح “لاحظنا زيادة في مبيعات السلع العربية والفلسطينية التي لا تدعم (إسرائيل)، وهذا واضح في نظامنا”.
وعلى الرغم من أنها لا تزود القوات الإسرائيلية في غزة بالسلع المجانية، كما تفعل علامات تجارية أمريكية أخرى مثل كنتاكي فرايد تشيكن، يُنظر إلى كوكا كولا ببساطة على أنها رمز للولايات المتحدة التي تقدم مساعدات عسكرية لإسرائيل.
ويقول مسؤول في شركة المشروبات الوطنية، وهي الشركة الفلسطينية التي تعبئ كوكا كولا في الأراضي الفلسطينية، إن الشركة لم تلاحظ إرجاع الكثير من منتجاتها من الكوكا كولا من المتاجر المحلية.
غير أن المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه أضاف ” لكن، هناك تراجع كبير في مبيعات المشروب للمحال التي تحمل أسماء أجنبية وتتعرض للمقاطعة، بنسبة تصل إلى 80%”.
تعرضت كوكا كولا لانتقادات في الماضي من قبل حملة “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات” على إسرائيل التي يقودها الفلسطينيون لامتلاكها مصنعا في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.
وتدعو الحملة لمقاطعة المنتجات الاسرائيلية أو منتجات الشركات الداعمة لاسرائيل.
ويقول مؤسس حركة المقاطعة عمر البرغوثي “إن الحملة تدعم تماما المقاطعة العضوية لكوكا كولا”.
ليس الكولا فقط
يقول فهد عرار “إن حركة المقاطعة الوطنية كان لها تأثير كبير، وصارت قيمة مجتمعية”.
ويضيف “نرى هذا مع زبائن السوبر ماركت، عندما يخبرون أطفالهم الصغار أن هذا المنتج يجب مقاطعته، أو أن هذا المنتج مدعوم”.
ويقول إبراهيم القاضي، رئيس قسم حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد الفلسطينية، إن 300 طن من المنتجات الإسرائيلية تم إتلافها خلال الأشهر الثلاثة الماضية بعد انتهاء صلاحيتها بسبب عدم وجود مشترين.
ومع ذلك، فإن اعتماد الاقتصاد الفلسطيني على المنتجات الإسرائيلية يجعل المقاطعة الحقيقية صعبة، وتنبع شعبية شات كولا جزئياً من كونها واحدة من البدائل الفلسطينية القليلة الجيدة.
ويقول رئيس معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطينية رجا الخالدي “هناك استعداد للمقاطعة عندما يكون المنتجون الفلسطينيون قادرين على الانتاج بجودة عالية وبسعر مناسب”.
وقال الخالدي إن الرغبة في الحصول على بدائل فلسطينية ازدادت كثيرا منذ بدء الحرب في غزة، لكن ما يخنقها هو “افتقارنا للقدرة الإنتاجية”.
كانت حملة المقاطعة أكثر نجاحا في الدول العربية المجاورة الأقل اعتمادا على السلع الإسرائيلية. ففي الأردن المجاور، أعلنت مجموعة ماجد الفطيم، التي تشغل علامة كارفور الفرنسية العملاقة للتجزئة، أنها ستغلق جميع متاجرها بعد أن دعا ناشطون إلى مقاطعتها.
“الطعم الفلسطيني”
يفخر عرار صاحب شركة شات كولا بتطوير منتج فلسطيني عالي الجودة في مصنع الشركة في سلفيت الذي افتُتح عام 2019 وحيث يرتدي العاملون سترات كتب عليها بالعربية “الطعم الفلسطيني” وطُبع عليها العلم الفلسطيني.
ويخطط عرار لافتتاح مصنع جديد في الأردن لتلبية الطلب الخارجي وتجنب تعقيدات العمل في الضفة الغربية المحتلة.
فعلى الرغم من أن المصنع ما زال ينتج آلاف العبوات يوميا، إلا أن أحد خطوط الإنتاج ما زال متوقفا منذ أكثر من شهر.
ويقول عرار إن السلطات الإسرائيلية احتجزت شحنة كبيرة من المواد الخام على الحدود الأردنية، مما أثر على الإنتاج، مضيفا أنه لا يستطيع تلبية سوى 10 إلى 15 في المئة من الطلب على منتجه.
وبينما كان عرار يتحدث، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا أطلق على الأرجح من لبنان، مما أدى إلى تكوين سحابة صغيرة أمكن مشاهدتها من المصنع.
ولكن مع الحرب جاءت الفرص. ويقول الخالدي “لم نشهد من قبل مثل هذا الدعم السياسي لشراء المنتجات المحلية كما هي الحال الآن، لذا فهذه فترة جيدة ليؤسس رجال أعمال آخرون” مشاريع جديدة.