غيب الموت الشاعر السوداني هاشم صديق، الملقب بـ “شاعر الملحمة”، الذي كان رمزًا للإبداع، فقد ربط بين الشعر والمسرح والغناء.
ومن أوبريت “قصة ثورة” الذي أصبح جزءًا من التراث الوطني، إلى أعمال مسرحية جسدت آلام الوطن وآماله، ظل هاشم صديق صوتًا جريئًا يتحدى القمع، ويعلن أن الإبداع لا يموت مهما كانت التحديات.
النشأة والتعليم
ولد هاشم صديق في حي شرق بمدينة أم درمان في السودان في عام 1957، والتحق بروضة في مسقط رأسه، قبل أن يبدأ تعليمه الأولي هناك، ثم انتقل إلى مدارس الأحفاد، ودرس بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح، وحصل على شهادة البكالوريوس في النقد المسرحي بتقدير امتياز في عام 1974.
وتتلمذ الراحل على يد أساتذة في مجال المسرح والتمثيل، منهم: إسماعيل خورشيد، والسر أحمد قدور، والفاضل سعيد، ومحمود سراج، والطاهر شبيكة، وغيرهم.
بعد ذلك، سافر صديق إلى الخارج ليدرس التمثيل والإخراج بمدرسة التمثيل “إيست 15” في اسيكس بالمملكة المتحدة في عام 1976.
وعمل بعد تخرجه أستاذًا محاضرًا ومشاركًا بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالسودان حتى عام 1995، ومن إنجازاته في تلك الفترة إنشاء مكتبة المسرح السوداني بشقيها المقروء والمسموع.
أبرز أعماله
كان الراحل أحد أبرز الشعراء الذين ارتبطوا بجمال الأدب وفن المسرح، وقدم العديد من الأعمال التي أثرت الثقافة السودانية وذاع صيتها عربيًا.
ومن أبرز أعماله “قصة ثورة” أو ” الملحمة”، الأوبريت الأكثر شهرة في تاريخ السودان، الذي لحنه الموسيقار محمد الأمين، وأصبح علامة فارقة في تاريخ الفن السوداني، ليشكل أول تجربة ناجحة في فن الغناء الموسيقي الكورالي في السودان.
كما ترك صديق بصمات واضحة في مجالات الأدب والصحافة والنقد الأكاديمي، إذ أبدع في التأليف الدرامي.
ومن أشهر أعماله المسرحية، “أحلام الزمان”، التي حازت جائزة الدولة لأفضل نص مسرحي عام 1973، و”نبتة حبيبتي” التي نالت جائزة النص الأدبي عام 1974، كما قدم العديد من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية التي كانت تحاكي هموم المجتمع السوداني وتطرح قضاياه.
وكان لشعر صديق تأثير كبير على الفنانين السودانيين، حيث غنى له كبار الفنانين مثل محمد الأمين ومصطفى سيد أحمد وأبو عركي البخيت وسيد خليفة، وكانت أغنياته تمزج بين عشق الأرض وتطلعات الشعب السوداني إلى الحرية والعدالة، مما جعل صوته يشدو بآمال الأمة وأحاسيسه تجاه الحبيبة في تناغم لا يُنسى.
معاناة الأيام الأخيرة
ورغم معاناة صديق في آخر أيامه، نقل إلى ضاحية الثورة بأم درمان بعربة “كارو”، بعد تعذر إيجاد وسيلة نقل أخرى أثناء الحرب المحتدمة في السودان.
وظل صديق رمزًا للإبداع والمقاومة، إذ أظهر التناقض بين مكانته الفنية الكبيرة والظروف القاسية التي عاشها في آخر أيامه، مدى تحدي الإبداع للفقر والموت والدمار.
نشاطه السياسي
مارس صديق العمل الصحفي وعمل في عدة صحف سودانية، وتعرض للاعتقال بسبب بعض أعماله الأدبية.
ومن أعماله المحظورة في حقبة سابقة، مسلسل “الحراز والمطر”، حيث تم اعتقاله عند بثه لفترة شهر عام 1979، ومسلسل “الحاجز” في عام 1984، الذي تم إيقاف بثه أولًا، ثم حُذفت منه أجزاء من قبل الرقابة على الإعلام، وبرنامج “دراما 90 – 1993″، ومسرحية “نبتة حبيبتي” التي تم إيقافها بعد يومين فقط من عرضها، وفق الإعلام السوداني.