كل شخص يحتاج إلى البروتينات التي تعتبرها اختصاصية التغذية تريسي باركر بمثابة “اللبنات الأساسية للحياة”، لأنها تتحلل إلى أحماض أمينية تساعد الجسم على النمو والإصلاح “ويتكون منها شعرنا وبشرتنا وعضلاتنا”، وتوصي معظم البالغين بتناول “ما يعادل حصتين من اللحوم أو الأسماك أو المكسرات بحجم راحة اليد”.
وبشكل عام، يعتقد الخبراء “أن معظم البالغين الأصحاء يمكنهم تحمل تناول غرامين من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميا على المدى الطويل”.
أما الحد الأدنى من كمية البروتين التي نحتاج لتناولها حتى لا نمرض فهي 0.8 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم، وعلى سبيل المثال “يجب على الشخص الذي يزن 75 كيلوغراما أن يستهلك 60 غراما من البروتين يوميا، ترتفع من 75-90 غراما يوميا بمجرد بلوغه سن 40-50 عاما”، وفقا لاختصاصية التغذية كريستي ويمبين.
مع الأخذ في الاعتبار أن الأشخاص النشطين بدنيا أكثر -خاصة الرياضيين ولاعبي كمال الأجسام- يحتاجون إلى بروتين أكثر ممن هم أقل نشاطا.
وقد أظهرت إحدى الدراسات التي أجريت على رجال يتمتعون بصحة جيدة ويمارسون تمارين القوة “أن تناول حوالي 3 غرامات من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميا ولمدة عام لم تكن له أي آثار صحية ضارة”.
البروتين المفرط
تقول الاختصاصية كريستي ويمبين “على عكس الضجة المثارة حول الحاجة إلى المزيد من البروتين فإن معظم الناس في الولايات المتحدة يلبون احتياجاتهم أو يفوقونها”، حيث تشير الإرشادات الغذائية للأميركيين إلى أن “الذكور من 19 إلى 59 عاما يتجاوزون الحصص الموصى بها من البروتين، خاصة من اللحوم والدواجن والبيض”.
فرغم أهمية البروتين لأداء الجسم على النحو الأمثل كواحد من 3 مغذيات كبيرة إلى جانب الدهون والكربوهيدرات “فإن الكثير من البروتين -خاصة بدون الدهون أو الكربوهيدرات- يمكن أن يكون ضارا”.
وأشارت الأبحاث إلى أن “الإفراط المزمن في البروتين يمكن أن يؤدي إلى حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي والكلى والأوعية الدموية”.
وأظهرت أبحاث أخرى أن “البروتين المفرط يمكن أن يتسبب بمرور الوقت في ظهور أعراض، مثل فقدان الشهية والشعور بالتعب ورائحة الفم الكريهة وعسر الهضم والصداع والجفاف”.
ويعرّف البروتين المفرط بأنه “ما يزيد على 35% من إجمالي السعرات الحرارية التي نتناولها، أو أكثر من 175 غراما من البروتين لنظام غذائي يحتوي على ألفي سعر حراري”، وفقا لما ذكره موقع “هيلث لاين” (healthline).
لكن تأثيرات الإفراط في البروتين قد تكون أكثر إزعاجا أثناء الصيام، حيث يزداد الاهتمام بالبروتينات غالبا على حساب الألياف والكربوهيدرات، مما قد يتسبب وفقا للخبراء في:
-
رائحة الفم الكريهة
تأتي رائحة الفم الكريهة على رأس مقدمة الآثار المزعجة التي يمكن أن تسببها كثرة استهلاك الأطعمة الغنية بالبروتين أو حمية الكيتو في بعض الأحيان، خاصة في حالة التقليل من تناول الكربوهيدرات، وذلك “بسبب البكتيريا التي تقوم بتكسير البروتين وتنبعث منها رائحة تشبه رائحة الملفوف أو البيض الفاسد” كما يقول آدم هاروود اختصاصي علاج جذور الأسنان في نيويورك.
-
مشاكل الجهاز الهضمي
تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالبروتين -وفقا لهاروود- “قد يكون على حساب عناصر غذائية أساسية أخرى مثل الألياف، لأن المنتجات الحيوانية الغنية بالبروتين لا تحتوي على الألياف”، وهو ما يمكن أن يغير الميكروبيوم (البكتيريا والكائنات الحية الدقيقة المفيدة التي تعيش في أمعائنا)، ويسبب مشاكل في الجهاز الهضمي “تتراوح بين الإمساك أو الإسهال أو الشعور بالغثيان الخفيف”.
-
فقدان الشهية
يقول اختصاصي التغذية جورجي فير “إن تناول مزيد من البروتين قد يقلل الشهية، لأنه يجعلنا نشعر بالشبع لفترة أطول” دون أن يساعد ذلك في فقدان الوزن، بل على العكس قد يؤدي إلى زيادته بسبب تخزين السعرات الحرارية الزائدة من البروتين على شكل دهون إذا لم يتم استخدامها”.
-
الجفاف
يمكن لكثرة تناول البروتين أن تسبب الجفاف على الرغم من عدم الشعور بالعطش أكثر من المعتاد.
وقد وجدت دراسة صغيرة أجريت عام 2002 شملت رياضيين أنه “مع زيادة تناول البروتين انخفضت مستويات الماء في الجسم”.
كما كانت دراسة أجريت عام 2006 قد أشارت إلى أن “تأثير تناول المزيد من البروتين على الترطيب يكون ضئيلا”.
-
كثرة التبول
إذا كنت تشعر أنك مضطر دائما إلى التبول فقد يكون ذلك بسبب تناول الكثير من البروتين وتراكم فضلاته بعد تكسيره.
وبحسب مراجعة نشرت عام 2019 لوحظ أن تراكم النفايات الزائدة من تناول الكثير من البروتين يخلق بيئة حمضية أكثر من المعتاد تجعلنا نشعر بالرغبة في التبول طوال الوقت.
لذا تشدد أليسون نوت اختصاصية التغذية المسجلة في نيويورك على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى بتجنب البروتين الزائد، حيث يمكن أن يسبب ضغطا إضافيا عليها.
-
الشعور الدائم بالإرهاق
حتى لو كنت ممن ينامون 8 ساعات كاملة كل ليلة فإن تناول الكثير من البروتين يمكن أن يترك جسمك متعبا، لأن الاستهلاك المفرط من البروتين مقابل القليل من الكربوهيدرات يمكن أن يجهد الكلى والكبد ويؤثر على أدمغتنا ويمنعنا من أن نكون متيقظين ونشطين على مدار اليوم.
-
أمراض القلب
تقول كريستي ويمبين “إن الجسم لا يستطيع تخزين البروتين، فبمجرد تلبية احتياجاته يتم استخدام أي كمية إضافية للطاقة أو تخزينها على شكل دهون”، وبالتالي فإن تناول البروتين الزائد يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة الدهون في الدم وأمراض القلب، لأن العديد من الأطعمة الغنية بالبروتينات تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة.
ووفقا لبعض الأبحاث، قد تصبح المخاطر جسيمة في حالة الاستهلاك المفرط والمزمن للبروتين، فتشمل أمراض القلب والأوعية الدموية وإصابات الكبد والكلى، وقد تصل إلى الوفاة.