توصل فريق دولي إلى اكتشاف أقدم نجم بحر في العالم يعود تاريخه إلى 480 مليون سنة، عثر عليه بموقع فزواطة بالأطلس الصغير بمدينة زاكورة (جنوب شرق المغرب) حيث يوفر الحلقة المفقودة بين الكائنات الحديثة والقديمة التي أطلق عليها “كونتابريجياستر فزواطينسيز” (Cantabrigiaster fezouataensis) نسبة لموقع فزواطة وهو ينتمي لعائلة قنافذ البحر.
وقالت خديجة الحريري المشرفة على الأبحاث بموقع فزواطة من جامعة القاضي عياض في حديث للجزيرة نت “هذا الاكتشاف يكلل مجهوداتنا المبذولة من أجل ترتيب موقع فزواطة في عداد التراث الوطني وقائمة التراث العالمي لليونسكو، وقد استغرق العمل عليه 17 سنة للوصول إلى تلك النتائج”.
وبحسب الدراسة العلمية التي نشرت نتائجها في دورية “بيولوجي ليترز” (Biology Letters) بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، فإن المنافس الأسبق لأقدم نجم بحر الوحيد يصغر عنه بحوالي 50 مليون سنة.
فريق متخصص
ينتمي فريق البحث لعدة جامعات، منها كامبردج Cambridge University وهارفرد Harvard University، وتشير الحريري إلى أن الفريق الأول الذي بدأ النشر على اكتشاف موقع فزواطة ينتمي الى جامعة ييل Yale University الأميركية.
وتضيف “ضم فريق البحث علماء من جامعة كلود برنارد ليون 1 Claude Bernard University Lyon 1 الفرنسية وجامعة القاضي عياض بالمغرب، حيث بدأنا منذ 2003، وأعطت هذه الأشغال قيمة مضافة سنة 2014 في هذا الموقع، لأن الحفريات تفقد قيمتها عندما تكون خارج الطبقة التي وجدت فيها”.
كما “تمكنا من معرفة عمر الحفريات بدقة، وقد شارك في هذا العمل طيلة 4 أسابيع على هذه الطبقات فريق من الطلبة الباحثين والأساتذة والخبراء من دول أخرى لهم تخصصات متنوعة مكنتنا من معرفة تفاصيل أكثر عن موقع الاكتشاف.. وقد سبق للفريق اكتشاف قنافذ البحر ذات الذراع الشوكي الذي مكن من إنهاء حيرة خبراء متخصصين، ودامت هذه الحيرة أكثر من قرن ونصف القرن”.
نجم البحر المكتشف يوفر الحلقة المفقودة بين الكائنات الحديثة والقديمة
تفاصيل مذهلة
تقول الدكتورة الحريري عن الاكتشاف الجديد “هذا الكائن البحري يعكس بشكل جيد فترة مهمة في التنوع البيولوجي، مما يساعد في إلقاء الضوء على كيفية تطور نجم البحر والحيوانات ذات الصلة. إضافة إلى ذلك فإن البقايا في الموقع محفوظة بشكل استثنائي، حيث بقيت الأجزاء اللينة التي يصعب الحفاظ عليها، مما يؤكد أن لدينا مستوى من التفاصيل في هذه الحفريات بشكل مذهل”.
وبحسب المشرفة على الأبحاث فإن هذه الحفرية وكأنها نوع هجين يجمع بين خصائص نجم البحر وزنبق البحر “الكرينويد” (Crinoid) والتي تشبه النباتات، حيث لها صلة مع قاع البحر عبر ساق مما يجعلها مثل النباتات لا تتحرك.
وخلص فريق البحث من خلال هذه الدراسة إلى أن نجم البحر الذي عثر عليه في موقع فزواطة طور أذرعه الخمس، وربما هي طريقة لتفادي الحيوانات المفترسة التي تعيش معه في هذا الوقت (480 مليون سنة) والتي كانت موضوع عدة مقالات نشرت سابقا في مجلات علمية مشهورة من أهمها نيتشر.
وتشير الحريري إلى أن هذا البحث يحتاج الى المزيد من البحث المعمق، لأن اكتشاف هذه التفاصيل يمكن القيام بها بطرق بحث أخرى لتوضيح اللغز الذي يتوفر في هذا النجم المغربي، لأنه ينتمي لنجم البحر مما “مكننا من اكتشاف أقدم منطقة بحرية”.
نجم البحر بموقع فزواطة نوع هجين يجمع بين خصائص نجم البحر وزنبق البحر الكرينويد
قائمة التراث العالمي
تقول الحريري “كانت لدينا عدة محطات للحديث عن هذا الموقع لتثمين المجهودات من أجل تنصيفه في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وقمنا عام 2015 بإصدار طوابع بريدية لمجموعة من الحفريات التي تميز موقع فزواطة بحكم أنها لا توجد في أي بلد آخر غير المغرب، وبالضبط في مدينة زاكورة فقط.
وأشارت إلى أنه تم اصدار أول كتاب حول التراث الجيولوجي بجهود متضافرة بين وزارة الطاقة والمعادن والبيئة وجمعية الحفاظ على التراث الجيولوجي المغربي، واحتفلوا بيوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني كيوم وطني للتراث الجيولوجي.
وبفضل المجهودات المنسقة مع وزارة الطاقة والمعادن والبيئة، تم إصدار قانون 3313 في أغسطس/آب 2019 الذي ينظم ما يتعلق بالحفريات بالمغرب.
وختمت الحريري مقابلتها نقلًا عن الجزيرة نت عبر الهاتف قائلة:
“نأمل من خلال المجهودات المتضافرة مع الباحثين المغاربة والأجانب في التوصل إلى تصنيف موقع الاكتشاف (فزواطة) في عداد التراث العالمي لليونسكو”.