خطوة واحدة أخيرة تفصل النجم العالمي ليونيل ميسي عن اعتلاء عرش كرة القدم، ومصاحبة الأسطورتين بيليه ومارادونا.
وقاد ميسي بلاده إلى نهائي مونديال قطر 2022 في كرة القدم، بإنهاء مقاومة كرواتيا الشجاعة بثلاثية نظيفة، الثلاثاء، بحثاً عن لقب وحيد ينقص خزانته المترفة، مدعوماً من 47 مليون أرجنتيني ومئات الملايين حول العالم من عشّاق موهبته الصارخة.
بعد تخطيه عقبة كرواتيا بركلة جزاء لميسي وثنائية للشاب خوليان ألفاريس، يتعيّن على “ألبيسيلسيتي” الخضوع لامتحان أصعب في نهائي الأحد، أمام فرنسا حاملة اللقب أو المغرب مفاجأة البطولة الجميلة والمدعوم من مئات ملايين الأفارقة والعرب.
على استاد لوسيل الذي عجّ بجماهير زاحفة من بوينوس أيرس وأخرى مقيمة في الدوحة، عبّرت طوال البطولة عن دعمها غير المنقطع لأفضل لاعب في العالم سبع مرات، حسمت الأرجنتين، بطلة 1978 و1986، منطقياً النتيجة في الشوط الأوّل، قبل توجيه الضربة القاضية في الثاني.
استغل ألفاريس (22 عاماً) خطأ دفاعياً بالتغطية من المخضرم ديان لوفرين، بعد تمريرة جميلة من الشاب إنسو فرنانديس، فانفرد بالحارس دومينيك ليفاكوفيتش الذي أسقطه أرضاً، ليحتسب الحكم الإيطالي دانييلي أورساتو ركلة جزاء بعد نحو نصف ساعة على البداية (34).
ترجمها ميسي صاروخية، رافعاً رصيده إلى خمسة أهداف بالتساوي في صدارة ترتيب الهدافين مع زميله في نادي باريس سان جرمان الفرنسي كيليان مبابي، و11 في مجمل مشاركاته في كأس العالم.
ولم يتأخر لاعبو المدرب الشاب ليونيل سكالوني في مضاعفة النتيجة، عندما استغلوا كرة أهدرها الكروات أمام منطقتهم، فانطلق ألفاريس بسرعة صاروخية وتخلص من دفاع كرواتيا على طريقة متزلجي مسابقة التعرّج وسجّل منفرداً في مرمى ليفاكوفيتش (39).
في الثاني، تبختر ميسي في منطقة جزاء كرواتيا متلاعباً بالشاب يوشكو غفارديول، أحد أفضل مدافعي النهائيات، فمرّر كرة حاسمة لألفاريس الذي رفع رصيده إلى أربعة أهداف في قطر (69).
وأحرز ميسي (35 عاماً) كل الألقاب الممكنة، خصوصاً مع ناديه السابق برشلونة الإسباني، وأتبعها بتتويج قاري مع منتخب بلاده في كوبا أميركا في عقر دار البرازيل عام 2021، لكن اللقب العالمي الأهم لا يزال يهرب من لاعب سجل 790 هدفاً، بعد أربعة إخفاقات أقربها للتويج عام 2014 عندما خسر في الرمق الأخير أمام ألمانيا.
تتويجه، الأحد، سيضعه دون أي شك في مصاف البرازيلي بيليه، المتوج ثلاث مرات في 1958 و1962 و1970 ومواطنه الراحل دييغو مارادونا الذي قاد “بمفرده” الأرجنتين إلى لقبها الثاني في 1986.
مساندة العائلة
كما فعل مارادونا قبل 36 عاماً، ولو بنسب مختلفة، يقدّم ميسي مستويات رائعة في قلب تشكيلة لا تضم نجوماً خارقين في الملاعب الأوروبية كما في العقدين الأخيرين.
إلى جانب أهدافه الخمسة، مرّر ثلاث كرات حاسمة، وسدّد 27 مرّة، وصنع 18 فرصة، ويدرك تماماً أنها الفرصة الأخيرة له في المسابقة كما عبّر عن هذا الأمر في أكثر من مناسبة.
قال ميسي الذي عادل الثلاثاء الرقم القياسي للألماني لوثر ماتيوس بخوضه المباراة 25 في كأس العالم وسيحطمه على الأرجح في النهائي: “ما عشناه حتى الآن، كان رائعاً.. لا أريد فقدان هذا الأمر. أفكّر بعائلتي هذا الأهم بالنسبة لي. يفعلون كل ما في وسعهم من أجلي، مررنا بالسراء والضراء والآن سنستفيد مع الجميع مع كل الأرجنتينيين”.
وإلى انخراطه في عمق منتخب اعتزل عن تمثيله سابقاً قبل عودته عن قراره، برز ميسي “الخجول” في ساحة المعارك والمناوشات اللفظية، على غرار اشتباكه الكلامي مع مهاجمه هولندا فاوت فيخهورست، إثر تخطي البرتقالي بصعوبة بالغة في ربع النهائي بركلات الترجيح بعد إهدار التقدم بهدفين في الدقائق الأخيرة.
هزيمة مستحقة
بموازاة ذلك، أخفقت كرواتيا، دولة الأربعة ملايين نسمة الواقعة في قلب أوروبا على البحر الأدرياتيكي، في بلوغ ثاني نهائي توالياً، بعد أن صدمت العالم في 2018 بمشوار رائع قبل خسارة النهائي أمام فرنسا 2-4.
وكما في 2018، قادها عقلها المدبّر لوكا مورديتش (37 عاماً) لكنه رضخ أمام عظمة ميسي، على غرار خط وسطها المرهق أمام فورة الأرجنتين الهجومية.
ورأى مدربها زلاتكو داليتش “علينا أن نوحد أنفسنا، ونرفع رؤوسنا، لا أستطيع أن ألوم الأولاد على أي شيء، سنقاتل من أجل المركز الثالث. ليس لدينا الكثير لنشتكي منه، يجب أن نستعد للمركز الثالث.. إنها هزيمة مستحقة”.
رحلات مغربية
وتلقى منتخب المغرب الذي صنع التاريخ عندما أصبح أول منتخب إفريقي وعربي يبلغ نصف نهائي البطولة العريقة التي انطلقت عام 1930، دعماً جماهيرياً إضافياً الثلاثاء والاربعاء.
بدأت طلائع الجسر الجوي من ثلاثين رحلة بين الدار البيضاء والدوحة تصل، لتمكين أعداد إضافية من مشجعي منتخب “أسود الأطلس” من حضور نصف نهائي الأربعاء ضد فرنسا.
والمغرب، إلى جانب أرجنتين ميسي، حظي بدعم جماهيري لا مثيل له في النهائيات الحالية، نظراً للنتائج الرائعة التي يحققها فريق المدرب وليد الركراكي.
وبعد اعتماد كرة “الرحلة” طوال البطولة، حملت الكرة المستخدمة في نصف نهائي والنهائي اسم “الحلم”. صُنّعت بمواصفات تكنولوجية هي نفسها المستخدمة في “الرحلة” والتي تقوم على نظام “الكرة المتصلة” الذي صممته شركة أديداس، وهي تقنية أثبتت نجاحها في قطر عن طريق تحديد حالات التسلل أكثر سرعة ودقة.
وتعتمد هذه التقنية على بيانات تموضع اللاعبين داخل المستطيل الأخضر لتزود حكم الفيديو المساعد “في آيه آر” بمعلومات آنية تمكّنه من اتخاذ القرارات الصحيحة.