تصاعدت التحذيرات الصحية والمخاوف مع بدء انتشار خدمات شبكة اتّصالات الجيل الخامس المعروفة بـ “5 جي – 5G”، فما هي الحقيقة والوهم وسط هذه التحذيرات؟
شبكة اتصال 5 جي هي ثورة هائلة في عالم الاتصالات، حيث توفر سرعة فائقة في نقل البيانات مقارنة بتكنولوجيا الجيل الرابع، مما يتيح إمكانية نقل مليارات البيانات بسرعة، وتسمح هذه التكنولوجيا بالربط بين الأجهزة الإلكترونية المختلفة، ما يساهم في انتشار تقنيّات متعددة منها السيارات ذاتية القيادة، والمصانع المشغَّلة آليًا، والعمليات الجراحية عن بعد، والروبوتات “الذكية”، وغيرها.
تستخدم شبكة الجيل الخامس نطاق ترددات أعلى من تلك المستخدمة حاليًا، والتي قد تتخطى 26 غيغاهرتز مستقبلًا، وكلما علت الترددات كانت الموجات أقصر، مما يتطلب زيادة عدد الهوائيات، مما يثير مخاوف المنظمات غير الحكومية.
الترددات الراديوية وصحة الإنسان
مصادر الترددات الراديوية من حولنا كثيرة، ومنها الهواتف النقالة، وحتى أجهزة التلفزيون والراديو وشبكات الإنترنت اللاسلكية، وبرغم أن الأبحاث لم تثبت أن التعرض للحقول الكهرومغناطيسية منخفضة القوة يشكل خطرًا على الصحة، إلا أنها ما زالت تثير المخاوف، وتشير بعض الدراسات لإمكانية زيادة خطر الورم الدماغي، على المدى الطويل، لدى مستخدمي الهواتف النقالة بشكل كثيف، وهذا ما حمل منظمة الصحة العالمية عام 2011 لتصنيف الترددات اللاسلكية بأنها “قد تكون مسرطنة للإنسان”، مع توصية باعتماد وسائل استخدام الهاتف بعيداً عن الرأس.
وفي عام 2016، قدرت الوكالة الوطنية الفرنسية للأمن الصحي للغذاء والبيئة والعمل أن الموجات اللاسلكية قد تؤثر على الوظائف الإدراكية للأولاد، وعلى ذاكرتهم وقدرتهم على التركيز والتنسيق، وأوصت بالحد من تعريض الأولاد لها.
تأثيرات بيوليوجية وصحيّة
تقول منظمة الصحة العالمية إن “الأثر البيولوجي الرئيسي للحقول الكهرومغناطيسية الناجمة عن الترددات اللاسلكية هو أثر حراري”، ما يعني ارتفاع الحرارة في المناطق المعرضة لهذه الحقول، وأوضح الخبير في الوكالة الوطنيّة الفرنسية للأمن الصحي للغذاء والبيئة والعمل أوليفييه ميركل أن “بعض الدراسات أشارت لوجود تأثيرات بيولوجية في مجالات محددة كالنوم أو الضغط”.
ويشرح الباحث إبراهيم سلماوي من المعهد الفرنسي للبيئة الصناعية والمخاطر أن “الإجهاد مثلًا يرفع نسبة الأدرينالين، والجهد الجسدي يرفع حرارة الجسم، وهذا رد فعل فيزيولوجي طبيعي”، وتظهر المشاكل إذا كان تراكم الآثار البيولوجية يفوق قدرة جسم الإنسان على التأقلم، مما يؤدي لعواقب على صحة الإنسان.
خلاصات
ما زالت الأبحاث تجرى للتأكد من الآثار الصحية لشبكة الجيل الخامس، والتي ستختلف حسب التردد، فعند الـ 70 غيغاهرتز، لا يكون الدماغ معرضًا للخطر، ويكون التركز سطحيًا على مستوى البشرة والأذنين، وبحسب أوليفييه ميركل، تستعد الوكالة الوطنية الفرنسية للأمن الصحي للغذاء والبيئة والعمل لعمل دراسة تحليلية حول الآثار التي قد تحدث بسبب إشارات شبكة الجيل الخامس على الإنسان، وتأمل في إتمامها بحلول “نهاية 2020”.
