عادة ما ينظر الناس إلى الأجيال الشابة -خصوصًا أولئك المولودين منتصف الثمانينيات فما فوق- على أنهم فئة غير متحمسة للاستثمار في الذهب بمختلف منتجاته مقارنة بآبائهم وأجدادهم، إلا أن نتائج استطلاع رأي أجراه مجلس الذهب العالمي خالفت جزئيًا هذا الاعتقاد.
وشمل استطلاع الرأي 18 ألف شخص في الهند والصين والولايات المتحدة وكندا وألمانيا وروسيا، وتطرق لقضايا تخص علاقة الناس بالذهب سواء المستثمرين الصغار (الأفراد)، والتفاوت في النظرة للمعدن الأصفر بين الأجيال المختلفة، ومدى ارتباطها العاطفي بهذا المعدن، وكذا سلوكيات الشراء لديها.
ولا تختلف تصورات الأجيال الشابة تجاه المعدن الأصفر كثيرا عن تصورات الأجيال التي تفوقهم سنا، ولكن ثمة بعض الاختلاف في مقاربة الجيل الذي ولد بين عامي 1995 و2010 لعلاقتهم مع الذهب، فهم على العموم يريدون تحقيق أرباح على المدى القصير لا البعيد، مقارنة بجيل الآباء والأجداد الذي يشتري الذهب لتحصيل عائدات على المدى البعيد.
سمة المجازفة
كما أن سمة المجازفة المرتبطة بالشباب تؤثر على علاقتهم بالاستثمار عموما، وضمنه الاستثمار في الذهب، وذلك بخلاف الفئات العمرية الأكبر التي تختار المنطقة الآمنة البعيدة عن المخاطر. ويتجلى اختلاف آخر يتمثل في أن ميل المستثمرين الشباب إلى جني أرباح سريعة يجعلهم يقبلون على العملات الافتراضية، بخلاف المستثمرين الأكبر سنًا.
على العموم، احتل الذهب المرتبة الرابعة في أفضلية الاستثمار بالنسبة لكافة الأجيال، بينما تباينت مرتبة العملات الافتراضية حسب الأجيال، فهي في المرتبة الثامنة بالنسبة لجيل 18-24 عامًا، والمرتبة 12 بالنسبة لجيل 35-44 عامًا، والمرتبة 14 بالنسبة لجيل 45-54 عامًا.
وردا على سؤال إن كانت الثقة بالذهب أكبر من الثقة في العملات الوطنية، قال 56% من جيل 18-24 عامًا إنها كذلك، وزادت النسبة إلى 62% لدى جيل 25-34 عامًا، وإلى 64% لدى جيل 35-44 عامًا، بينما انخفضت إلى 60% لدى جيل 45-54 عامًا، وإلى 56% لدى جيل 55-65 عامًا.
نية الشراء
وبخصوص نية شراء الذهب في الأشهر 12 المقبلة، كانت النسبة في الصين 42% للجيل البالغ من العمر 39 عامًا فما فوق، و37% لدى جيل 23-38 عامًا، ثم انحدرت إلى 12% لدى جيل 18-22 عامًا. وفي الهند بلغت النسبة 36% لدى جيل 39 عامًا فما فوق، و33% لدى جيل 23-38 عامًا، و24% لدى جيل 18-22 عامًا.
وتتراجع النسبة كثيرًا بالنسبة للسوق الأميركية، إذ بلغت 18% بالنسبة للجيل الأول، و19% لدى الجيل الثاني، و11% للجيل الثالث.
ويخلص استطلاع رأي مجلس الذهب العالمي إلى أنه لا فارق كبيرًا بخصوص نية شراء حلي الذهب في الأشهر 12 المقبلة لدى مستهلكي الموضة بين جيل 23-38 عامًا والجيل الأكبر (39 عامًا فما فوق)، إلا أن الفارق يكون واضحا بين الجيل الأكثر سنًا وبين جيل 18-22 عامًا.
القيمة الاجتماعية
كما يظهر الفارق بين الأجيال في النظرة إلى القيمة الاجتماعية للذهب، فنسبة 88% من جيل 55-65 عاما في الصين ترى أن حيازته تجعلك مميزًا بين الناس، في حين تتراجع النسبة إلى 69% عند جيل 25-34 عامًا، و47% لدى جيل 18-24 عامًا.
وفي الهند، يقول 85% من جيل 55-65 عامًا إن حيازة حلي الذهب تجعل المرء مميزا بين الناس، وتراجعت النسبة إلى 75% لدى جيل 25-34 عامًا، و68% لدى جيل 18-24 عامًا.
وخلص استطلاع الرأي إلى أن الناس تثق في الذهب أكثر من ثقتها بالعملات الورقية، فهو يأتي ثالثا ضمن أكثر مجالات الاستثمار إقبالًا عليها، إذ قال 48% من المستثمرين الأفراد إنهم اختاروا شراء الذهب، وذلك بعد حسابات الادخار (78%) والتأمين (54%).
وصرح 65% من المستهلكين لمنتجات الموضة إنهم اشتروا حلي الذهب مقابل 34% اشتروا حليّ البلاتين. ومن نتائج استطلاع الرأي أيضًا أن أكثر من ثلث المستثمرين الصغار ومستهلكي منتجات الموضة لم يشتروا الذهب في حياتهم، ولكنهم يحبذون هذه الفكرة.
ملاذ جيد
ويعتقد أكثر من ثلثي المستثمرين الصغار أن المعدن الأصفر ملاذ جيد لحفظ الأموال والتحوط من التضخم وتقلبات أسعار العملات، ويتوقع 65% من الفئة المذكورة أن الذهب لن يفقد قيمته على المدى الطويل، بينما يقول 62% إن حيازته تشعرهم بالأمان.
وفي ظل الشكوك التي تحيط بالاقتصادات العالمية، فليس مفاجئًا أن يقول 61% من المستثمرين إنهم يثقون بالمعدن النفيس أكثر من ثقتهم بالعملات الورقية، إذ يرون فيها سلعة إستراتيجية وظيفتها حفظ الثروة أو جني الأرباح على المدى البعيد.
ولا ترجع هذه الثقة في الذهب إلى قيمته فقط، إذ للجانب العاطفي نصيب في هذا الارتباط، فنسبة 81% من مستهلكي منتجات الموضة ترى أن الذهب شيء قيم لدرجة تجعله شيئًا يُنقل بين أفراد العائلة عن طريق الميراث، ويقول 65% إن الذهب مكافأة على النجاحات التي يحققونها، بينما يعتقد 57% أن المعدن الأصفر مجلبة للحظ السعيد.
هذه الثقة بالذهب تتجسد في إقبال الناس على شرائه خلال المناسبات الاجتماعية البارزة، فمناسبات الولادة والخطوبة والزواج وحفلات ذكرى الميلاد تستحوذ على 34% من مشتريات حلي الذهب.
الدوافع والولاء
وحسب نتائج استطلاع مجلس الذهب العالمي، فإن 37% من حائزي المعدن الأصفر قالوا إن دافعهم لحيازته هو تحقيق عائدات جيدة على المدى الطويل، وقال 30% إن الدافع هو حماية ثروتهم، بينما كان الدافع لدى 18% هو تحقيق أرباح على المدى القصير، ولدى 9% كان الدافع هو المضاربة التي تنطوي على مخاطر عالية وأرباح كبيرة في الوقت نفسه.
وتفيد خلاصات الاستطلاع بأن ولاء الناس للذهب أكبر بكثير، مقارنة بولائهم لسلع أخرى مثل الأسهم والأوراق المالية والعملات الافتراضية والصناديق الاستثمارية، فنسبة 64% من المستثمرين الذين اشتروا الذهب في الماضي قالوا إنهم يعتزمون شراء المزيد منه مستقبلًا، وكانت النسبة في حدود 40% لكل من صناديق الاستثمار والعملات الرقمية و39% للأسهم والأوراق المالية.